مقالات

صانعات الصمود.. نساء السودان.. بين قسوة الحرب ونداء المساءلة

النورس نيوز

صانعات الصمود.. نساء السودان.. بين قسوة الحرب ونداء المساءلة

 

بقلم: د. زحل السعيد عثمان / خبيرة الشؤون الإنسانية والسياسات الإقليمية

في اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، يجب علينا أن نُحيّي صمود نساء السودان وهن يواجهن أبشع أنواع العنف، وما زلن صامدات قويات في وجه القصف، والنزوح، والانتهاكات الممنهجة. وبصفتي إحداهن، أتوجه بالتحية والتقدير لهن على قوتهن الاستثنائية في وجه كل الظروف القاسية التي تفوق الوصف، خلافاً لما جاء من مواساة باردة من كل الجهات التي تقف متفرجة. كما نُحيّي ونشكر كل المنظمات والمبادرات المحلية التي تتحدى الخطر لتدعم وتساعد الناجيات من هذه الانتهاكات المروعة.

 

إن الانتهاكات ضد النساء في السودان لا تحتاج منا إلى توضيح، فقد نشرتها وتحدثت عنها معظم المنظمات الأممية والإقليمية بتفصيل يدمي القلب. ورغم أن العالم يتعاطف مع نساء السودان بشكل خجول، إلا أن ضمير العالم ما زال نائماً أمام حجم الكارثة الإنسانية غير المسبوقة. إن استخدام العنف الجنسي كسلاح حرب هو وصمة عار على جبين الإنسانية جمعاء.

 

حقائق موثقة من التقارير الدولية

توضح التقارير والإحصائيات جزءًا من حجم الأزمة وتؤكد أن النساء قد تم استخدامهن كوسيلة لتصفية الحسابات في الحرب من قبل قوات الدعم السريع. هذه الممارسات تسعى لكسر النسيج الاجتماعي للمجتمع السوداني.

 

منظمة العفو الدولية

في تقريرها الصادر في أبريل 2025 بعنوان “لقد اغتصبونا جميعا”، وثقت المنظمة انتهاكات جسيمة للعنف الجنسي الذي مارسته قوات الدعم السريع بحق النساء والفتيات بين أبريل 2023 وأواخر أكتوبر 2024. ركّز التقرير على حالات موثقة في الخرطوم، ولاية الجزيرة، وولايات شمال وجنوب إقليم دارفور، مما يشير إلى منهجية الانتهاكات. شملت الانتهاكات حوادث اغتصاب جماعي واغتصاب تحت تهديد السلاح، حيث تم توثيق تعرض النساء والفتيات للاغتصاب في منازلهن أو اقتيادهن إلى مساكن قوات الدعم السريع.

 

وكالات الأمم المتحدة (UNFPA)

الوكالة المعنية بالصحة الإنجابية وصفت الوضع المروع بـ “العنف الجنسي والصراع في السودان، حرب على أجساد النساء والفتيات”. هذه الحرب الجسدية والنفسية تدمر حياة الآلاف.

 

هيئة الأمم المتحدة للمرأة

أبرزت في بيانها أن “النساء والفتيات السودانيات يدفعن ثمناً باهظاً لهذا العنف ويتحملن وطأة الأزمة الإنسانية التي لا تزال غير مرئية إلى حد كبير للعالم”.

هذا يلخص التحدي المزدوج الذي يواجهنه، وهو العنف وغياب التغطية الدولية الكافية.

 

أرقام المأساة

أفادت بعثة تقصي الحقائق في السودان بأن العنف الجنسي قد زاد بنسبة 244 في المائة في الفترة من ديسمبر 2023 إلى ديسمبر 2024، وهذا النمو الهائل يوضح جزءًا من حجم الانتهاكات التي تمارس ضدهن.

 

ملخص التوصيات الضرورية

لمواجهة هذه الانتهاكات المستمرة ودعما لصمود الناجيات، تُطالب الجهات الدولية والإنسانية بالمساءلة والمحاسبة بضرورة ممارسة ضغوط دولية مكثفة لوقف الانتهاكات بشكل فوري وغير مشروط. كما يجب ضمان إجراء تحقيقات دولية مستقلة ومحايدة لجميع حالات العنف الجنسي، والعمل على تقديم ومحاسبة مرتكبيها وقادتهم المسؤولين عن هذه الجرائم. كما ان الدعم الإنساني الشامل يتطلب زيادة فورية وكبيرة في التمويل والاستجابة الإنسانية لتغطية الاحتياجات المتزايدة. ويجب توفير الرعاية الصحية الشاملة للناجيات، بما في ذلك الرعاية الصحية الجنسية والإنجابية الطارئة، إلى جانب الدعم النفسي الاجتماعي المتخصص والمستدام لإعادة تأهيلهن. وحماية الناشطين والناشطات هي ضرورة قصوى، تشمل توفير الحماية اللازمة للمنظمات والمبادرات المحلية السودانية التي تخاطر بحياتها لتقديم الدعم والإغاثة. ويجب تسهيل وصول المساعدات الإنسانية والطبية إلى جميع المناطق المتضررة بأمان. اعتراف دولي مطلوب للاعتراف الكامل بحجم الكارثة الإنسانية ورفع مستوى الوعي الدولي لكسر حالة “عدم الرؤية” التي تعاني منها الأزمة السودانية، والمطالبة بضمان التعويضات والعدالة الانتقالية للناجيات.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى