مقالات

ثلاثة احتمالات

النورس نيوز

ثلاثة احتمالات

بقلم: يوسف المنان

النورس نيوز _ ما يجري في الساحة السودانية اليوم، سياسياً وعسكرياً وإعلامياً واجتماعياً، يدفع البلاد نحو ثلاثة احتمالات لا رابع لها ونحن على أعتاب عام جديد لم يتبقَ على قدومه إلا أيام معدودة. العالم من حولنا يستعد لفرص الازدهار الاقتصادي، ونمو الأسواق، ومتابعة كأس العالم في الولايات المتحدة الأمريكية وبطولة أمم أفريقيا في المغرب، أما نحن في السودان فقد وئدت أحلامنا مبكراً، ونضع أيدينا على قلوبنا خوفاً وجزعاً من مستقبل وطن تعصف به الحروب وتتهدده عوامل الفناء.
ورغم العتمة، تبقى هذه الاحتمالات هي الأقرب إلى واقع الساحة، في ظل غياب القوى السياسية وتراجع دورها منذ اندلاع الحرب، والانقسام والتشظي اللذين يضربان البلاد، إضافة إلى حالة اللامبالاة العامة.

 

 

 

 

الاحتمال الأول: انتصار القوات المسلحة

هو الاحتمال الذي يتطلع إليه غالب الشعب السوداني، وتعبّر عنه تلك الحشود التي تستقبل القائد العام في الأسواق دون ترتيبات أو دعوات مسبقة. انتصار باهر يعيد دارفور وكردفان إلى حضن الدولة ويستعيد ما تمزق من الوطن.
لكن هذا الانتصار، مهما بدا قريباً لدى البعض، له مقومات وشروط لا يمكن تجاوزها. أولها أن تعيد القيادة العسكرية والسياسية النظر في منهجها وسياستها الخارجية، وأن تبحث عن حلفاء جدد أو تعيد ترميم علاقاتها القديمة التي تآكلت. وأن يتوفر لها السلاح الذي يقهر به سلاح خصمها، وأن تطمئن لشعبها ولا تخاف منه، وأن تثق في كل من يقف معها في خندق الدفاع عن السودان.
غير أن القيادة – كما يبدو – ما تزال تراهن على الولايات المتحدة، رغم أن أمريكا تنبش قبراً لحلفائها قبل أعدائها، وتترك الشعوب في منتصف الطريق.

 

 

 

 

الاحتمال الثاني: التقسيم وتمزيق ما تبقى من البلاد

وهو الدواء المر، والسيناريو الذي قد يقود السودان إلى نهايته الكاملة. انفصال دارفور وأجزاء من كردفان، وتكوين دولة جديدة بحدود وعاصمة وعلم وعملة، وربما تعترف بها الولايات المتحدة ثم تلحق بها دول عربية واحدة تلو الأخرى.
وهو سيناريو يمثل امتداداً لسابقة انفصال الجنوب، ويتلوه – إن وقع – انفصال الشرق، لتصبح البلاد نهباً لصراعات الجوار، وتتبدد الدولة المركزية.
لكن حتى هذا الكيان الجديد، إن نشأ، لن يكتب له الاستقرار، لأنه سيقوم على أنقاض مجتمع أفريقي غلبته الحروب، ويطحنه عرب الشتات بقوة السلاح لا قوة الحق، ولن يجد أماناً ولا بقاءً مهما حاولت القوى الخارجية تثبيته.

 

 

 

الاحتمال الثالث: ابتلاع السودان بواسطة مليشيا الدعم السريع

وهو الاحتمال الأكثر خطورة، فهو لا يعني فقط سيطرة المليشيا على السلطة، بل ابتلاع السودان كله عبر فوهة البنادق، والقضاء على الملايين من المدنيين كما جرى في بابنوسة والفاشر.
وليس ما يحدث اليوم سوى حلقات من هذا المخطط: السعي لابتلاع هجليج وكادقلي والدلنج، وقطع الطريق القومي الأبيض – كوستي، وتطويق الأبيض من جهاتها الأربع لإسقاطها خلال فترة قصيرة على طريقة الفاشر وبابنوسة.

 

 

 

أما المركز فينشغل بأحداث مصنوعة ومفتعلة، بينما تستمر الولايات المتحدة في التلويح بـ“مبادرة سياسية جديدة” في الوقت الذي يصل فيه المدد العسكري لخصوم الدولة على الأرض بلا توقف.
وإذا ما سقطت الأبيض وكادقلي، فلن تصمد بقية مدن السودان شهراً واحداً، وسيتحقق الحلم المر: قيام إمارة الخراب على أنقاض وطن كامل.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى