لغز الفساد في سفارة بورتسودان.. وفاة غامضة تكشف شبكة بيع التأشيرات بمشاركة دبلوماسيين
النورس نيوز
لغز الفساد في سفارة بورتسودان.. وفاة غامضة تكشف شبكة بيع التأشيرات بمشاركة دبلوماسيين
بقلم: هاجر سليمان
النورس نيوز _ في مشهد يعيد للأذهان قضايا الفساد التي ضربت بعض البعثات الدبلوماسية، تتكشف فصول جديدة من فضيحة مدوية داخل السفارة المصرية ببورتسودان، حيث تفجّرت تفاصيل مثيرة عن شبكة منظمة لبيع تأشيرات الدخول إلى مصر، بمشاركة دبلوماسيين مصريين وضالعين محليين، وسط وفاة غامضة للمتهم الرئيسي في القضية داخل الحراسة، ما فتح الباب واسعًا أمام التساؤلات.
القصة بدأت عندما وردت معلومات إلى الشرطة الأمنية تفيد بأن بعض الأفراد يقومون بمساومة مواطنين سودانيين وبيع تأشيرات دخول لمصر مقابل مبالغ ضخمة وصلت إلى 3 آلاف دولار أمريكي للتأشيرة الواحدة.
تحركت السلطات سريعًا، ونصبت كمينًا محكمًا للمتهم الرئيسي، بعد تسليمه جواز سفر ومبلغ المال كطُعمٍ للقبض عليه متلبسًا. وبالفعل، تم توقيفه واقتياده للتحقيق.
لكن المفاجأة الصادمة جاءت بعد ساعات من احتجازه، حين أُعلن عن وفاته داخل الحراسة نتيجة “إعياء مفاجئ”، ليُنقل إلى المستشفى حيث فارق الحياة.
ورغم أن تقرير الطبيب الشرعي أشار إلى أن الوفاة “طبيعية” نتيجة حالة مرضية، إلا أن الشكوك تحوم حول ملابسات الحادث، خاصة بعد تساؤلات عن سبب عدم إسعافه في الوقت المناسب، ولماذا لم تُؤخذ إفاداته التي ربما كانت ستكشف أسماء المتورطين الحقيقيين داخل السفارة.
وبحسب مصادر مطلعة، تتجاوز خيوط الشبكة أفراداً محدودين، إذ تشير المعلومات إلى أن دبلوماسيين مصريين متورطون في القضية، وكانوا يتقاضون 2000 دولار عن كل تأشيرة، فيما يحصل المتهم الأساسي على ألف دولار فقط، في توزيعٍ يعكس طبيعة التنظيم المحكم لهذه العصابة العابرة للحدود.
القضية لم تكن معزولة؛ فقبلها بوقتٍ قصير، تم الكشف عن فضيحة مشابهة في القنصلية المصرية بوادي حلفا، حيث تم بيع التأشيرات عبر استغلال المرضى وكبار السن الراغبين في العلاج بالقاهرة، ما تسبب في وفاة عددٍ من السودانيين الذين لم يتمكنوا من السفر بسبب التأخير والابتزاز المالي.
التحقيقات في قضية بورتسودان ما زالت تراوح مكانها، رغم تنامي حجم الشبكة الإجرامية ووجود أطراف نافذة يُعتقد أنها مارست ضغوطًا لإيقاف مسار التقصي.
لكن الدعوات تتصاعد من أوساط إعلامية وحقوقية لإعادة فتح الملف بشفافية كاملة، واستدعاء المتهمين الثلاثة الآخرين الذين لم يُقدَّموا للمحاكمة حتى الآن.
الكاتبة الصحفية هاجر سليمان شددت على أن ما يجري يمثل انتهاكًا خطيرًا للسيادة السودانية وكرامة المواطنين، مؤكدة أن صمت السلطات المعنية لا يجب أن يستمر، لأن العدالة لا تسقط بالتقادم، خاصة في القضايا التي تمس أرواح الأبرياء وسمعة المؤسسات الدبلوماسية.
إن وفاة المتهم الرئيسي قبل الإدلاء بشهادته تثير الكثير من الريبة، وتفتح الباب أمام احتمال طمس الأدلة. فهل يتمكن التحقيق الجديد — إن فُتح — من كشف الحقيقة الكاملة؟
أم ستُدفن القضية كما دُفن المتهم، تاركة وراءها ملف فسادٍ يختلط فيه المال بالدبلوماسية والموت بالصمت؟











