أسامه عبد الماجد يكتب
تحقيق عاجل يا كامل
0 لا يساورني أدنى شك أن ماحدث كان أمراً مدبراً أخرج بصورة فجة ومسيئة.. لكن الغريب أنه حقق أهدافه بسرعة تدعو للتساؤل والريبة.. فقد أماطت هذه الواقعة اللثام عن وجود جهات خفية داخل مؤسسات الدولة.. تدير بوصلة الأحداث وفق أجندات غير معلنة، تفتقر إلى الحد الأدنى من الشفافية أو المهنية.. وتدمر علاقات السودان الخارجية
0 بطلة القصة سفيرة السودان لدى الجزائر السيدة ناديه محمد خير عثمان والتي انهت الوزارة مهمتها مطلع الشهر الجاري.. بدأت فصول القصة المشبوهة التي تعرضت لها السفيرة في أواخر مايو الماضي، عبر حملة منظمة ومنسقة في وسائل التواصل الاجتماعي.. بنيت على خبر هش وفطير، وجرى تعميمه بشكل مكثف، بصورة لم نشهد لها مثيلاً في السنوات الأخيرة.. فحواه أن السفيرة تمثل تيار “قحت” في سلوكها ومظهرها.. وتكثر من الغياب عن مقر عملها، وتزور زوجها في دولة أخرى.. وتظهر مرتدية بنطال جينز، حسب زعمهم.
0 الخبر لم يكن مضحكاً فقط بسبب ركاكته، بل لأنه يتناقض تماماً مع الواقع والمتابعين لأداء السفيرة التي كانت أول من أطلق مبادرة دعم للقوات المسلحة، وأنشأت صندوقاً لهذا الغرض في مايو 2023.. (انتبهوا للتاريخ).. وقد دشنته بالصوت والصورة مع الجالية وقدمت من مالها الخاص تبرع دولاري.. بينما كانت قيادات كبرى صامتة أو غائبة في تلك اللحظات الحرجة.. بمن فيهم وزير الخارجية آنذاك.. وقيادات بالجيش وصحفيين.
0 لم تكتف بانشاء الصندوق، بل خرجت للإعلام الجزائري لتوضح.. أن ما جرى في السودان من قبل مليشيات مسلحة تمردت عسكرياً على الدولة.. وعبرت عن موقف الدولة السودانية بحزم، مؤكدة قدرة القوات المسلحة على حماية البلاد وهيبة مؤسساتها.. ولم تغادر الجزائر كما زعموا إلا بإذن رسمي، وكان غيابها – حين حدث – لأسباب إنسانية تتعلق بزوجها المريض.. وهو أمر جرى وفق اللوائح المؤسسية وليس مخالفة لها.
0 أما ما أشيع عن “لبسها غير اللائق” فهو محض كذب وافتراء.. فالسفيرة معروفة بحرصها على الظهور بمظهر يليق بتمثيل البلاد والمرأة السودانية.. وكل اللقاءات الرسمية التي شاركت فيها متاحة عبر المنصات الإعلامية ويمكن الرجوع إليها.
0 لكن دعونا من ذلك، فقد نجحت الحملة المغرصة، في دفع الخارجية إلى إصدار توجيه مفاجئ وغريب بعودة السفيرة فوراً.. او كانت جهات بالخارجية في انتظار نشر الاكاذيب لتبرر قرارها.. عودة فورية يا للهول !!. وكأن أزمة دبلوماسية اندلعت بين البلدين، وهو إجراء لم يتخذ حتى في ملفات أكثر حساسية مع سفراء السودان في تشاد، الإمارات وكينيا.. ومع ذلك، استجابت السفيرة للأمر فوراً وبأدب رفيع، مما يعكس التزامها المؤسسي الراسخ، وهو فعل لا يشبة القحاتة السفلة.
0 بعدها عادت الخارجية وتراجعت عن قرارها، وأمهلت السفيرة ثلاثة أشهر قبل إنهاء مهامها.. في وقت كانت الوزارة بلا وزير ولا وكيل، ولا أحد يعرف من الذي أصدر القرار فعلياً.. ومن اقدم على هذة الخطوة المدمرة للعلاقات الخارجية للسودان.. خلال المهلة، واصلت السفيرة نادية أداءها بكفاءة وهدوء، هل هذة اخلاق قحاتة ؟.. نظمت فعاليات، والتقت المسؤولين، واحتفلت بتخريج الطلاب، وكانت قد أسهمت في زيادة المنح الدراسية للطلاب السودانيين.. وعند وداعها للرئيس عبد المجيد تبون، ألقت كلمة عززت من عمق العلاقات الثنائية، دون أن تلمح أو تصرح بما تعرضت له من ظلم.
0 حزمت السيدة نادية حقائبها وغادرت الجزائر بصمت يليق بأبناء البيوت الدبلوماسية.. فهي كريمة الدبلوماسي الراحل محمد خير عثمان، وزير التربية والتعليم الأسبق وسفير السودان في بريطانيا سابقاً، والمربي بمعهد بخت الرضا.. ولذلك مثلت السودان بكرامة وعقل راجح، وغادرت منصبها مرفوعة الرأس.. دون أن تنكسر أمام ظلم، لم تثر الجدل ولم تحاول الرد على الحملة.. ولم تخذل الدولة، والرئيس، كما فعل بعض السفراء في السنوات الأخيرة، آخرهم سفير الغفلة في الإمارات عبد الرحمن شرفي.
0 قد يرى البعض أن الإجراء كان روتينياً لإنهاء مهمتها لأسباب تتعلق بالأداء كما هو متعارف عليه في العمل الدبلوماسي.. لكن الحقائق تكذب هذا الادعاء، فالسفيرة تلقت إشادة خاصة من الرئيس البرهان.. على جهودها في إنجاح مشاركة السودان في القمة العربية بالجزائر، وعلى متابعة مقررات القمة باحترافية.. كما جاء في خطاب رسمي من الأمانة العامة لمجلس السيادة إلى وزارة الخارجية، يثني على النشاط الملحوظ للبعثة السودانية في الجزائر، ويعرب عن أمل القيادة في أن تكون هذه الجهود نموذجاً يحتذى في سائر البعثات.. كذلك نالت إشادة رسمية من منظومة الصناعات الدفاعية.
0 الرئاسة الجزائرية بدورها اشادت بنادية حيث عبرت عن تقديرها للدور الذي لعبته.. خصوصاً في إعداد كتاب “الثورة الجزائرية في الشعر السوداني”، الذي صدر بمناسبة مرور سبعين عاماً على اندلاع الثورة الجزائرية، ومرور ستين عاماً على العلاقات بين البلدين.. وهذة الاشادة الرئاسية المكتوبة وثيقة تضاف إلى سجل إنجازاتها.. وكذلك انجزت عمل توثيقي ضخم لدور السودان في ثورة التحرير الجززائرية العظيمة.. التي اشعلوها في مواجهة المستعمر الفرنسي أسفرت عن استشهاد مليون ونصف المليون جزائري وانتهت بإعلان الاستقلال في يوليو 1962
0 وانهت مشاورات مع وزير المجاهدين وذوي الحقوق الجزائري بشأن التعاون في توثيق تجربة السودان في مقاومة العدوان.. وأسهمت في دعم جهود تصدير اللحوم، وتعزيز التعاون في مجالات التعليم، الرياضة، الصحة، والطاقة.
0 إن ما جرى لم يكن مجرد تغيير إداري في سلك الدبلوماسية، بل مساس بأداء وسمعة سفيرة قدمت نموذجاً مشرفاً في الانضباط والكفاءة.. وشوه للأسف صورة السودان أمام حليف استراتيجي مثل الجزائر. لذلك الأمر يستدعي فتح تحقيق شفاف من قبل رئيس الوزراء د. كامل إدريس.
0 ومهما يكن من أمر.. نؤكد ان ماحدث يتطلب التحقيق العاجل، لكشف السيناريو المشبوه!!.
الأربعاء 22 اكتوبر 2025
osaamaaa440@gmail.com










