مقالات

من يدفع ثمن الصراع بين الزراعة ومجلس الوزراء في مشروع الجزيرة؟

النورس نيوز

من يدفع ثمن الصراع بين الزراعة ومجلس الوزراء في مشروع الجزيرة؟

بقلم..عبدالماجد عبدالحميد

الخرطوم – النورس نيوز

دخلت أزمة مشروع الجزيرة مرحلة جديدة من التعقيد بعد بروز خلافات حادة بين وزارة شؤون مجلس الوزراء ووزارة الزراعة والري حول الجهة المسؤولة عن إدارة عمليات الري بالمشروع، وسط مخاوف متزايدة من أن يدفع المزارعون ثمن هذا التنازع الإداري.

وتعود جذور الأزمة إلى القرار رقم (139) لسنة 2025 الذي أصدره رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس عقب زيارته الأخيرة لولاية الجزيرة، حيث وجّه بإنشاء إدارة خاصة للري تتبع مباشرة لإدارة مشروع الجزيرة، تتولى مهام التخطيط والإشراف والمتابعة الفنية والإدارية لأنظمة الري والصرف داخل المشروع.

القرار، الذي جاء استجابة لمطالب المزارعين الذين رفعوا خلال زيارة رئيس الوزراء لافتات تدعو لإعادة تبعية إدارة الري إلى إدارة المشروع، كان من المفترض أن يضع حدًا للفوضى الناتجة عن تداخل الصلاحيات بين الجهات الحكومية.

غير أن وزارة الزراعة والري لم تنفذ القرار حتى الآن، وبدلاً من ذلك – وفق مصادر مطلعة – وجهت خطاباً رسمياً إلى وزيرة شؤون مجلس الوزراء بتوقيع الوزير البروفيسور عصمت قرشي، تضمّن ملاحظات وتفاصيل حول تنظيم عمل إدارة الري الجديدة، وهو ما اعتبره مراقبون التفافاً على قرار رئيس الوزراء ومحاولة لتقييد صلاحيات إدارة المشروع الوليدة.

وتضمن الخطاب تحديداً دقيقاً لمسؤوليات وزارة الزراعة داخل المشروع “من فم أبوعشرين مرورًا بأبوستة وحتى المصارف الحقلية”، وهو ما أثار تساؤلات حول مدى التزام الوزارة بنص القرار الأصلي، حيث رأى متابعون أن هذا التفسير يسلب إدارة المشروع مهامها الأساسية ويعيد الأزمة إلى مربعها الأول.

الكاتب والمحلل السياسي عبدالماجد عبدالحميد اعتبر في تعليق مطوّل أن ما يحدث يعكس غياب رؤية واضحة لدى حكومة الدكتور كامل إدريس لمعالجة مشاكل المشروع الذي ظل يعاني من “تداخل الاختصاصات” و”الربكة الإدارية” لسنوات طويلة، محذراً من أن استمرار هذا النهج سيقود إلى نتائج كارثية على الموسم الزراعي وعلى آلاف المزارعين الذين يعانون من تدهور الإنتاج والخدمات.

وأشار عبدالماجد إلى أن المزارعين باتوا الآن أمام أربع جهات تتنازع القرار داخل مشروع الجزيرة، هي: مكتب رئيس الوزراء، وزارة شؤون مجلس الوزراء، وزارة الزراعة والري، وإدارة المشروع نفسها، وهو ما جعل تنفيذ أي إصلاح فعلي أمراً معقداً.

ودعا الكاتب الحكومة إلى عقد اجتماع عاجل يضم جميع الأطراف ذات الصلة، بحضور العلماء والخبراء والكفاءات الوطنية في مجالي الزراعة والري، لمناقشة القضية من منظور علمي وعملي، مؤكداً أن الحل يكمن في تغليب مصلحة المشروع والمزارعين على المصالح المؤسسية والبيروقراطية.

ويرى مراقبون أن الأزمة الحالية تشكل اختباراً حقيقياً لقدرة الحكومة الانتقالية على معالجة الملفات الخدمية الكبرى بعيداً عن الصراعات الوزارية، خاصة وأن مشروع الجزيرة يمثل العمود الفقري للاقتصاد الزراعي في السودان، ويُعد من أقدم وأهم المشاريع الزراعية في إفريقيا.

وبينما ينتظر المزارعون نتائج حاسمة تنهي حالة التنازع، تبقى المسؤولية الآن بيد وزيرة شؤون مجلس الوزراء، في وقت يحذر فيه الخبراء من أن التأخير في حسم الملف قد يؤدي إلى خسائر جديدة في المحاصيل والمياه ويفاقم الأوضاع المعيشية في قلب الجزيرة.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى