مقالات

أسامه عبد الماجد يكتب: السودان ووساطة بن سلمان

أسامه عبد الماجد يكتب:

السودان ووساطة بن سلمان

 

 

0 كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، خلال مشاركته في المنتدى الاستثماري السعودي – الأمريكي.. عن تطور لافت في نظرته تجاه الأزمة السودانية. فبحسب تصريحاته فإن الملف لم يكن ضمن أولوياته في المرحلة الماضية.. تاجر “العربات” مسعد بولس “كان سايقنا بالخلا”.. غير أن حوارا مطولا مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أعاد تشكيل فهمه لطبيعة الصراع.

0 وأبرز له حجم المعاناة الإنسانية وحساسية الأبعاد الإقليمية والدولية للأزمة.. تصريحات ترمب ليست حدثاً عابراً، بل نتيجة قيادة فعالة من الأمير محمد بن سلمان.. الذي أعاد وضع السودان في قلب الاهتمام الدولي.. وحسنا فعل الرئيس البرهان أن بادر بتقديم الشكر والتقدير لولي العهد السعودي .. لهذه الجهود، وعليه أن يتحرك بسرعة وبحكمة لاستثمار هذا التحول.. فالفرصة التي صنعها هذا التحرك من بن سلمان قد لا تتكرر.. والسودان بحاجة لاغتنامها قبل أن تطوى صفحتها.

0 هذه اللحظة السياسية لا يمكن التقليل من شأنها.. فترمب الذي اعترف بأنه بدأ النظر الجدي في الملف – بعد نصف ساعة من حديث ولي العهد – أشار بوضوح إلى أنّ المملكة، بثقلها السياسي والدبلوماسي، قادرة على لعب دور مؤثر في توجيه مسار الأحداث في السودان.

0 الأهم من ذلك أن زيارة ولي العهد إلى واشنطن لم تكن زيارة بروتوكولية.. بل حملت رسائل واضحة تتعلق بإعادة ترتيب أولويات المنطقة.. ووضع الملف السوداني في مقدمة الاهتمام الدولي.. وهو ما يعني أن نافذة جديدة قد فُتحت أمام السودان، شرط أن يكون مستعد للتعامل معها بمؤسسية وجدية.

0 أمام هذا التحول يصبح لزاماً على القيادة السودانية التحرك السريع.. فهذه لحظة سياسية يجب عدم إضاعتها، لأنها قد تكون بداية إعادة تحول دولي.. يخدم مسار استعادة الدولة ومواجهة المليشيا التي ارتكبت فظائع موثقة وممنهجة.. من الضروري أن يعقد البرهان اجتماعا عاجلا مع فريق حكومي مختص لمناقشة التطوّر الجديد وآثاره.. يجب أن يكون هذا الاجتماع منصبا على تقييم ما عبر عنه ترمب وترسيخ لطبيعة المليشيا واعتبارها تهديدا أمنيا وإقليميا.. وفهم الرسائل السعودية بدقة، واستشراف ما يمكن البناء عليه سياسيا ودبلوماسيا.

0 من الحكمة أن يقوم البرهان بزيارة السعودية في أقرب وقت ممكن.. للقاء ولي العهد مباشرة، ومناقشة (خمسة) ملفات معه وهى التنسيق حول وضع تصور مشترك للمرحلة التالية.. اهمية اقناع ترمب ان لايبدأ التعامل مع ملف السودان من خارطة الرباعية.. فهم تفاصيل الاتصالات السعودية – الأمريكية بشأن السودان.. ضرورة التحدث عن الامارات وابعادها عن الملف.. التأكيد على التهديد الإقليمي الذي تشكله المليشيا علي امن المنطقة.. ووحشية ممارساتها، بما يدعم الموقف السوداني أمام المجتمع الدولي.

0 داخليا يجب على البرهان تشكيل فريق وطني مختص بالملف.. لا يمكن إدارة هذا التطور بشكل تقليدي على طريقة ادارة كامل ومستشاريه الضعفاء ومعهم “بتاع الجزارة” محمد محمد خير للحكومة.. المرحلة تتطلب فريقاً متماسكاً، محدد الأدوار، عالي الحضور.. يفضل أن يضم رئيس الوزراء، شمس الدين كباشي، ابراهيم جابر ، وزراء الخارجية، العدل، المالية ومدير المخابرات الى جانب وكيل الخارجية لخبرته بالملف الامريكي وسفير السودان بالمملكة.. إضافة لشخصيات أخرى يتوافق عليها وفقا لمتطلبات الملف.. المطلوب فريق صغير، محترف، يملك القدرة على التحرك السياسي والدبلوماسي في تزامن مع الجهود العسكرية على الأرض.

0 لا يكفي انتظار ما ستقدمه واشنطن أو الرياض، للسودان.. على القيادة أن تدخل هذا المسار برؤية واضحة تشمل التأكيد على أن المليشيا قوة إرهابية ارتكبت جرائم ضد المدنيين.. المطالبة بترتيبات إنسانية ودبلوماسية تدعم استعادة الدولة.. البناء على أي دعم اقتصادي محتمل لإعادة الإعمار وتخفيف المعاناة الإنسانية.. التحرك دوليا لاستثمار لحظة التعاطف والتفهم السياسي من ترمب.

0 ومهما يكن من امر.. حديث ترمب لم يكن مجرد تصريح عابر، بل شكّل نافذة سياسية جديدة.. دخلت عبرها نسمة سعودية.. والسؤال الحقيقي الان.. هل تمتلك الحكومة القدرة على مواكبة اللحظة ؟.

 

الاربعاء 19 نوفمبر 2025

osaamaaa440@gmail.com

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى