الفشل حين يفضح نفسه: كيف دفعت الحاشية الحكومة إلى مواجهة الصحافة
رشان أوشي
منذ أن سيطرت “الحاشية” على مركز القرار، بدأت خطواتها مباشرة نحو تضييق الخناق على الصحافة السودانية. لم يكن هذا الإجراء عشوائياً، فالحاشية تدرك جيداً أن الصحافة الحرة تمثل الحاجز الأبرز أمام التمدد السياسي لمصالحها ونفوذها داخل الدولة.
وفي خطوة أثارت جدلاً واسعاً، قامت هذه الدوائر بتمرير تعديلات مشددة على قانون جرائم المعلوماتية، التي رفعت العقوبة من ثلاث سنوات إلى عشر سنوات، في محاولة واضحة لردع الصحافيين وإخضاعهم للسيطرة السياسية.
هذا الانحراف في السياسات الصحفية أدى إلى تعطيل كل الجهود التي بذلتها وزارة الإعلام، الاتحاد العام للصحافيين، والأجسام المهنية لإصلاح بيئة العمل الصحفي. تم إجهاض توصيات الورش والمنتديات، ووقفت الحاشية حاجزاً أمام أي مقترح لتقنين أوضاع الصحافة الإلكترونية، والتي كانت يمكن أن تشكل قاعدة أساسية للشفافية والمحاسبة في السودان.
اليوم، يجد رئيس الوزراء نفسه في مواجهة مفتوحة مع جميع وسائل الإعلام، نتيجة لتراكمات السياسات التي فرضتها هذه الحاشية. هذه المواجهة لم تصب في مصلحة الدولة، بل ساهمت في كشف الفشل السياسي والإداري الذي حاولت دوائر النفوذ إخفاءه لعقود.
من المهم التأكيد أن الصحافة ليست خصماً للدولة، بل إنذار مبكر يسلط الضوء على نقاط الضعف والإخفاقات. ومن يتجاهل هذا الإنذار غالباً ما يدفع الثمن في نهاية المطاف، سواء على الصعيد السياسي أو الاجتماعي.
ويبقى السؤال مطروحاً: هل ستتوقف السياسات القمعية عند هذا الحد، أم أن الفشل سيواصل فضحه بنفسه، مع مرور الوقت، أمام الشعب السوداني كله؟











