المسيّرات.. هل تحمل غازات؟
بقلم: بكري المدني**
تتوالى الهجمات التي تشنّها مليشيا الدعم السريع بطائراتها المسيّرة على عدد من المدن السودانية، ومع كل موجة جديدة تتكشف تفاصيل تدعو للقلق، ليس فقط من حجم الدمار الذي تخلفه تلك الهجمات، بل من آثار جانبية صحية بدأت تظهر على المواطنين وتستحق التوقف عندها بجدية.
فقد أكد لي أكثر من شخص في المدن التي طالها القصف بالمسيّرات – من أم درمان إلى الأبيض وعطبرة وغيرها – ظهور أعراض غريبة وسط بعض الأهالي فور وقوع الهجمات. الأعراض شملت حكة شديدة في العيون والأنف والوجه، ودموعاً مستمرة، إضافة إلى تهيّجات جلدية تجعل المصابين غير قادرين على فتح عيونهم لفترات طويلة.
ورغم أن هذه الملاحظات تبدو أولية وغير مُثبتة علمياً بعد، إلا أن تكرارها في أكثر من مدينة وبصورة متزامنة يفرض طرح السؤال المشروع:
هل تحتوي بعض المسيرات المستخدمة على مواد غازية أو كيماوية قد تكون محرمة دولياً؟
إن سجل مليشيا الدعم السريع، ومن يقفون خلفها إقليمياً ودولياً، حافل بالانتهاكات وبتجاوز كل الأعراف الإنسانية والأخلاقية، بدءاً من استهداف المدنيين مروراً باستخدام أسلحة غير تقليدية في مناطق مأهولة. وبالتالي فإن هذا الاحتمال لا يمكن تجاهله ولا التقليل منه.
ومن هنا، فإنني أدعو السلطات الوطنية إلى القيام بعدة خطوات عاجلة، أهمها:
- تحريز مواقع سقوط المسيّرات فوراً ومنع اقتراب المواطنين منها، خاصة الأطفال.
- فحص بقايا المسيرات وتحليلها داخل أو خارج السودان لمعرفة ما إذا كانت تحتوي على غازات أو مواد مؤذية.
- إشراك الجهات المختصة الطبية والعسكرية في تحليل البلاغات الواردة من السكان.
كما أوجه نداءً خاصاً للمنظمات الحقوقية والإنسانية، الدولية والوطنية، بضرورة الاهتمام بهذا الملف الخطير، والعمل على توثيق الحالات والدفع بها قانونياً على مستوى العالم. وأخص بالذكر أبناءنا الناشطين في أوروبا بمنظمتي مشاد وصوت السودان، فهم الأقرب للتأثير في المراكز الحقوقية الدولية، والأقدر على إيصال صوت الضحايا.
إن حماية المدنيين ليست خياراً، بل واجب وطني وأخلاقي. وما يحدث اليوم يتطلب تحقيقاً شفافاً وسريعاً قبل أن يتفاقم الأمر ويتحوّل إلى كارثة صحية غير مرئية.











