مقالات

خلافات الدعم السريع تتصاعد وفشل مخطط إسقاط «الفاشر».. قراءة ميدانية

النورس نيوز

خلافات الدعم السريع تتصاعد وفشل مخطط إسقاط «الفاشر».. قراءة ميدانية

عبدالماجد عبدالحميد | النورس نيوز

شهدت الساحات القتالية في دارفور وكردفان تطورات متسارعة خلال الأيام الماضية، عكست تصدعاً واضحاً في صفوف المليشيات المسلحة وصعوبة تنفيذ الخطط التي رُسمت لها من قبل داعميها. مصادر عسكرية وميدانية أكدت أن محاولة حشد قوة كبيرة لاستهداف مدينة الفاشر فشلت بعد انقضاء المهلة التي حدّدها المشغّلون الخارجيون، فيما وُجهت أصابع الاتهام داخل أروقة المليشيات إلى خلل قيادي ولوجستي عميق أدى إلى تراجع المبادرة الميدانية.

الفشل في الفاشر: سياق وأسباب

بحسب مراصد عسكرية محلية، كان الهدف من التجمع المليشي الضخم الذي قيَده قياديون بارزون حسم المعركة في الفاشر من خلال عملية خاطفة تعتمد على عناصر مقاتلة مدربة نسبياً وغطاء إعلامي قوي لإعلان «خطاب النصر» من داخل مواقع حساسة. لكن هذه الخطة اصطدمت بعدة معوقات أبرزها انتهاء المهلة الزمنية المحددة من قبل الداعمين، تراجع معنويات القتالى لدى بعض الفروع، ونقص واضح في الإمدادات والقيادة الموحدة.

مصادر محلية أشارت أيضاً إلى أن الاعتماد على قوة «فرقة» إعلامية لإدارة صورة النصر قبل تحقق النتائج الميدانية عرض المخطط للفشل أمام المرأى العام، إذ تبخرت الخطط الإعلامية مع تعثر الميدان وانكشاف نقاط الضعف أمام قوات الجيش التي أبدت صموداً وفاعلية واضحة في الدفاع عن مواقعها.

تطورات في كردفان: خطة محكمة لقطع الإمداد

على جبهة كردفان، قالت مصادر عسكرية إن القوات الحكومية وقوات مساندة بدأت تنفيذ خطة محكمة لقطع طرق الإمداد والمنافذ التي تعتمد عليها المليشيات لدعم وجودها في المنطقة. العمليات النوعية شملت استهداف مجموعات قيادية وإغلاق مسارات لوجستية، ما أدى إلى تحييد قيادات بارزة وتقييد قدرة التمرد على التنقل بحرية.

كما تزايدت السيطرة الجوية للقوات الحكومية على سماء كردفان ودارفور، وفقاً لما أفادت به المصادر، ما أثر مباشرة على إمداد وتحرك المليشيات، وسهل القيام بعمليات استهداف دقيقة لمخازن الإمداد ومراكز التمركز.

انقسام القيادات الميدانية: خياران صعبان

خلافات داخلية تكاد تكون على مستوى استراتيجي ظهرت بوضوح لدى المليشيات: هل تُحشد القوات لمواجهة تقدم الجيش في كردفان لمنع اختراقها صوب الفاشر، أم تُنظّم الصفوف وتُحفَظ القوى للمعركة الحاسمة في الفاشر نفسها؟ هذا السؤال قوبل بآراء متباينة داخل الأوساط القيادية، ما أضعف القرار المركزي وجعل الميليشيات تتأرجح بين خيارين يعتبران «صفرين» بحسب وصف ميدانيين:

  • خيار المواجهة في كردفان: قد يستنزف المليشيات لوجستياً ويعرضها لهزيمة كبرى بعيداً عن قواعدها، ما يعمق انهيارها إن فشل في إيقاف تقدم القوات الحكومية.
  • خيار الاحتفاظ بالقوة للمعركة في الفاشر: يعرض المناطق الأخرى لخطر الفتح العسكري عليها، وقد يسمح للقوات الحكومية بالتحرك بحرية عبر مسارات تم قطعها سابقاً.

هذا الانقسام يعكس أزمة ثقة داخل القيادة الميدانية ويفسّر التداعيات السريعة على الأرض.

بُعد الإعلام والحرب النفسية

الجانب الإعلامي لعب دوراً واضحاً في معركة النفوس: محاولة بث خطاب نصر من مواقع حساسة كانت تهدف إلى قلب المعادلة المعنوية، لكن تعثر العمليات الميدانية جعل هذا الرهان الإعلامي قابلاً للانكشاف والهزيمة. بالمقابل، استثمرت قوات الجيش والتحالفات المساندة تحركاتها الميدانية لتوجيه رسائل طمأنة للسكان المحليين وتأمين خطوط الإمداد الحيوية، ما عمّق الشرخ بين المسرح الإعلامي وواقع الميدان لدى المليشيات.

ماذا يعني ذلك للمواطنين في دارفور والفاشر؟

تدهور الوضع التنظيمي لدى المليشيات قد يقلل من فعالية هجماتها المباشرة لكنه لا يعني بالضرورة نهاية التهديد؛ فالفوضى الداخلية قد تؤدي إلى تفكك أكثر يُترجم إلى هجمات متناثرة وعمليات انتقامية تستهدف المدنيين. لذلك يبقى التحدي الأكبر هو حماية المدنيين وتأمين ممرات الإغاثة وتثبيت الأمن على الأرض بوجود مؤسسات ومبادرات محلية ودولية تعمل على ضمان وصول المساعدات وإعادة الاستقرار.

ختام وتوقّع

المعركة في دارفور والفاشر مستمرة، ومعالمها تتبدل وفق معطيات ميدانية وسياسية متسارعة. التصدع داخل قيادات المليشيات ونجاح خطط قطع الإمداد في كردفان قد يمنح القوات الحكومية تقدماً تكتيكياً مهمّاً في المدى القريب، إلا أن المشهد البعيد يبقى معتمداً على قدرة الأطراف المختلفة على تحويل المكاسب الميدانية إلى استقرار دائم وحماية للسكان.

نصر من الله وفتح قريب، واستمرار العمل الميداني والسياسي هو مفتاح التغيير.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى