مقالات

الاستثمار في السودان بين الجدل حول “ديب ميتالز” وتعقيدات البيئة الطاردة

النورس نيوز

الاستثمار في السودان بين الجدل حول “ديب ميتالز” وتعقيدات البيئة الطاردة

بقلم: الطاهر ساتي

النورس نيوز – 6 سبتمبر 2025

لم تكن قضية شركة “ديب ميتالز” مجرد خبر عابر في المشهد الاقتصادي السوداني، بل تحولت إلى محور نقاش واسع حول طبيعة الاستثمار في قطاع التعدين وعلاقة المسؤولين الحكوميين بالشركات الأجنبية. فقد خرج المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية، مبارك أردول، بتوضيح للرأي العام نفى فيه أن يكون شريكاً في الشركة المثيرة للجدل، مؤكداً أنه لا يملك فيها أي أسهم، بل اكتفى بلعب دور إداري وتنفيذي باعتباره مديراً.

لكن الصحفي الطاهر ساتي، في مقاله المنشور اليوم، اعتبر أن هذا التوضيح لا يغير من جوهر القضية كثيراً، مشيراً إلى أن الفرق بين “المساهم” و”المدير” يظل شكلياً إذا كان صاحب الموقع التنفيذي يستخدم نفوذه لفتح الأبواب أمام الشركة وتسهيل اتصالاتها مع وزارة المعادن. ورأى أن أردول، عبر موقعه، استطاع أن يمنح الشركة فرصة الوصول إلى مستويات عليا في الوزارة، وهو ما يعكس إشكالية عميقة في إدارة قطاع التعدين بالسودان.

استثمار لم يتجاوز “الونسة”

أوضح ساتي أن الحديث عن “ديب ميتالز” لا يتعدى إطار الرغبات الأولية، فاللقاءات التي تمت لم تصل إلى مستوى التوقيع على مذكرة تفاهم أو اتفاقية رسمية، وإنما بقيت في حدود ما وصفه بـ”الونسات” التي اعتاد عليها الوسط الاستثماري في السودان، حيث تُعقد جلسات التعارف والحديث عن الفرص دون أن تُترجم عملياً على الأرض.

أوبئة الاستثمار في السودان

توقف الكاتب عند ما سماه “أوبئة الاستثمار في السودان”، مشيراً إلى أن المشكلة ليست في المستثمرين أنفسهم، بل في البيئة الطاردة التي صنعتها الدولة بضعف القوانين وتعدد التعقيدات البيروقراطية والفساد المستشري داخل المؤسسات. وأضاف أن الحرب الحالية ضاعفت من حجم الأزمة، حيث فرّ العديد من المستثمرين الأجانب، بينما جمّد المحليون أنشطتهم انتظاراً لتحسن الأوضاع.

وشدد على أن السودان، رغم امتلاكه ثروات طبيعية هائلة في مجالات التعدين والزراعة والنفط، يظل عاجزاً عن استقطاب الاستثمارات الكبيرة بسبب غياب الإرادة السياسية وضعف المؤسسات الرقابية والتشريعية.

الحاجة إلى إصلاح عاجل

في ختام مقاله، أكد ساتي أن الطريق أمام السودان ليصبح بيئة جاذبة للاستثمار يبدأ بوقف الحرب وإصلاح الدولة عبر قوانين واضحة ومؤسسات قوية. كما أشار إلى أن مفوضية مكافحة الفساد، التي وعدت الحكومة بإنشائها، لم ترَ النور حتى الآن، مما يترك الباب مفتوحاً أمام النفوذ الشخصي والصفقات المشبوهة.

ورأى أن المستثمرين الجادين سيظلون بعيدين عن السودان ما لم تتغير هذه البيئة، مشيراً إلى أن بلدًا غنيًا بموارده مثل السودان يجب أن يكون جاذباً للاستثمار بدلاً من أن يظل طارداً له بسبب الفوضى وضعف الحوكمة.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى