عثمان ميرغني يكتب: لماذا يجب أن يعود جميع نازحي الخرطوم؟
الخرطوم – النورس نيوز
طرح الكاتب الصحفي عثمان ميرغني، في مقاله المنشور بصحيفة التيار، تساؤلات حول جدوى افتراض أن جميع سكان ولاية الخرطوم الذين نزحوا عقب اندلاع حرب 15 أبريل 2023 يجب أن يعودوا إلى العاصمة، في وقت تشهد فيه الولاية أزمات متراكمة وتكدساً سكانياً خانقاً.
وأشار ميرغني إلى أن سكان الخرطوم يقدَّرون بنحو تسعة ملايين نسمة، أي ربع سكان السودان، لكن نصف هذا العدد يعاني من عطالة حقيقية أو يمارس أعمالاً هامشية غير منتجة مثل السمسرة. وتساءل: “لماذا يُفترض أن يعود هؤلاء جميعاً إلى الخرطوم رغم أنهم لا يملكون منازل أو أعمالاً مستقرة فيها؟”.
وأوضح أن الحرب دفعت ملايين السكان إلى النزوح نحو مدن السودان المختلفة، حيث استقبلت بورتسودان النسبة الأكبر، تلتها عطبرة، بينما عاد آخرون إلى مناطقهم الأصلية مثل الشمالية ومروي، بعد أن عاشوا لأجيال في العاصمة. غير أن غياب فرص العمل والخدمات في الولايات يجعل خيار العودة إلى الخرطوم أكثر جاذبية بالنسبة للكثيرين.
ويرى ميرغني أن هذه المعضلة تسلط الضوء على واحدة من أكبر قضايا السودان وهي سوء توزيع الكتلة السكانية، حيث يتركز ملايين المواطنين في العاصمة بينما تظل مساحات شاسعة من البلاد خالية من السكان رغم غناها بالموارد الطبيعية.
واستشهد الكاتب بتجارب سابقة، مثل مشروع الجزيرة الذي استقطب أعداداً ضخمة من السودانيين وأوجد بيئة حضرية مستقرة، وكذلك مدن كسلا وبورتسودان وعطبرة التي تحولت في أوقات سابقة إلى مراكز جذب سكاني. ودعا إلى تبني خطة استراتيجية لإعادة تأهيل مدن قديمة مثل مروي، وإنشاء مدن جديدة في مناطق حيوية كالفشقة، بما يسهم في إعادة توزيع السكان وتعزيز الأمن القومي.
واعتبر أن الفراغات الجغرافية الهائلة تمثل أحد أخطر المهددات الأمنية للسودان، إذ تمتد طرق لمسافات طويلة في أراضٍ غنية بالموارد لكنها شبه خالية من الحياة البشرية. وختم متسائلاً: “لماذا تفترض الحكومة أن جميع سكان الخرطوم يجب أن يعودوا إليها؟ أليس الوقت مناسباً لخلق بيئة حضرية جاذبة في بقية ولايات السودان؟”










