مقالات

احتكار الذهب.. عودة لسياسات أضرت بالاقتصاد

النورس نيوز

احتكار الذهب.. عودة لسياسات أضرت بالاقتصاد

بقلم: الطاهر ساتي

مقالات _ النورس نيوز _ ما زالت قضية الذهب في السودان تثير جدلاً واسعاً، خاصة بعد القرار الأخير لمجلس الوزراء الذي قضى بحصر شراء وتصدير الذهب في يد بنك السودان المركزي. هذا القرار يعيد للأذهان تجربة مريرة عاشها الاقتصاد السوداني في عهد النظام السابق، عندما أدى الاحتكار إلى تفشي التهريب وتراجع العائدات رغم ارتفاع حجم الإنتاج.

القرار الجديد جاء برعاية رئيس الوزراء الذي سبق أن أعلن، عند تنصيبه، التزامه بسياسة التحرير الاقتصادي والمنافسة الشريفة والشفافية. لكن احتكار الذهب لبنك السودان يتناقض تماماً مع تلك الوعود، ويضع علامات استفهام كبيرة حول جدوى هذه الخطوة.

التجربة الماضية تؤكد أن الاحتكار لم يحقق الفائدة المرجوة، بل تسبب في خسائر ضخمة. ففي ديسمبر 2018، وبعد ست سنوات من احتكار بنك السودان لصادر الذهب، اضطر نظام البشير للتراجع عن هذه السياسة بعدما أحدثت خراباً واسعاً في السوق. ومع ذلك، يبدو أن النهج نفسه يتكرر اليوم، مع اختلاف الأشخاص وبقاء السياسات.

قبل الاحتكار، كانت هناك شركات وطنية عديدة تعمل في سوق الذهب بشفافية، وتورد عائد الصادر مسبقاً وفق نظام الدفع المقدم، مما ساعد الدولة في الحصول على العملات الأجنبية، وحفظ مصالح المنتجين. لكن مع سيطرة بنك السودان، تقلصت العائدات، وارتفعت معدلات التهريب، حتى صار حجم الإنتاج المقدر بـ150 طناً لا يترجم إلى أكثر من 40 طناً في الصادر الرسمي.

المنطق الاقتصادي السليم يقول إن الأصل في التجارة المشروعة هو الحرية والمنافسة، لا المنع والاحتكار. فالمنافسة بين البنوك والشركات قادرة على تقليص التهريب، وضمان أن يعود الذهب بفائدة حقيقية على خزينة الدولة. أما سياسات الاحتكار فهي تفتح المجال أمام السوق السوداء وتمنح التهريب اليد العليا.

إن الذهب مورد استراتيجي مهم، والبلاد بحاجة ماسة لعوائده لدعم الاقتصاد ومعالجة الأزمات المعيشية. غير أن السياسات الحالية قد تؤدي إلى نتائج عكسية، فتستفيد منها دول التهريب وشبكات الفساد أكثر مما تستفيد منها الدولة والشعب.

يبقى السؤال: هل يتراجع مجلس الوزراء عن هذه الخطوة ويفتح الباب أمام منافسة حقيقية وشفافة كما وُعد السودانيون، أم يصر على سياسة أثبتت التجارب السابقة فشلها وأضرت بالاقتصاد الوطني؟

 

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى