
مصطلح “السردية” وأثره في الأزمة السودانية
النورس نيوز _
بقلم: عثمان العطا
مصطلح السردية مصطلح دقيق ومعبّر. يقصد به الرواية أو التصور الذي يعتمد عليه صانع القرار الدولي أو الإقليمي في بناء منهج سياسي ودبلوماسي تجاه أي أزمة. فالسردية هي التي تحدد كيفية قراءة القوى العالمية للأحداث وتوجيه سياساتها وفق تلك القراءة.
كمثال على ذلك، كانت السردية التركية تجاه الأزمة السودانية في بدايات الحرب واضحة جدًا. وفقًا لمصدر دبلوماسي رفيع، كان الأتراك مقتنعين منذ البداية بأن المتمرد حميدتي (كوز) يمثل الإسلاميين، في حين أن الفريق عبد الفتاح البرهان يُنظر إليه على أنه بعثي. إصلاح هذه السردية التركية استغرق عامًا كاملاً حتى أصبح لديهم تصور متوازن عن الأطراف الفاعلة في السودان.
أما بالنسبة للرواية الأمريكية، فقد كان لدى الرئيس السابق دونالد ترامب تصور مختلف عن السودان، إذ كان يؤمن بأن العاصمة الخرطوم تشبه حال مقديشو في أيام الفوضى بالصومال، وأن السودان يحتوي على أكثر من حكومة تعمل في آن واحد. تعديل هذه السردية الأمريكية تطلب عامين ونصف من المراقبة والتحليل قبل أن يتمكن صانع القرار الأمريكي من فهم المشهد السوداني بشكل دقيق.
وبقدر ما كان سقوط الفاشر بيد قوات الجنجويد حدثًا مأساويًا، إلا أنه أعاد صياغة السردية العالمية تجاه السودان، مضيفًا بُعدًا جديدًا: الإمارات كدينمو محرك لكل الأزمات الإنسانية في المنطقة، وفق ما رأت المؤسسات الدولية والدبلوماسية الغربية.
أما مكسب الأزمة السودانية في زيارة ولي العهد السعودي إلى واشنطن، فهو أن الشعب السوداني اكتسب صديقًا جديدًا ومؤثرًا، يرفع راية واضحة لا حياد فيها تجاه السودان. في المقابل، يمكن وصف الرباعية الدولية بأنها نصفها محايد وإيجابي تجاه الشعب السوداني (السعودية ومصر)، والنصف الآخر مرتبط بما يصفه البعض بمواقف مشبوهة أو متسمة بالغموض والتلاعب بالأزمات.











