أخبار

خطوة لافته تصدر صدى واسعاً داخل الولاية الشمالية وخارجها

النورس نيوز

خطوة لافته تصدر صدى واسعاً داخل الولاية الشمالية وخارجها

النورس نيوز _ في خطوة إنسانية وجدت صدى واسعاً داخل الولاية الشمالية وخارجها، قدّم الفنان محمد النصري مبادرة نوعية لدعم النازحين من مدينة الفاشر الذين استقبلهم معسكر العفاض بمحلية الدبة، حيث حملت المبادرة شعاراً مؤثراً يعكس روح التضامن السوداني الأصيل، هو شعار (البلد بلدكم)، مؤكداً به أن أبناء الفاشر ليسوا غرباء على الشمال ولا على السودان كله، وأن الوطن مهما اشتدت محنه يظل بيتاً واحداً لكل أبنائه دون تمييز.

وجاءت مبادرة النصري محمّلة بمساعدات إنسانية شملت مواد غذائية واحتياجات ضرورية للأسر التي فرت من جحيم الحرب في دارفور إلى برّ الأمان في الولاية الشمالية، وهي مساعدات وصفها الأهالي بأنها جسدت معنى التكافل الاجتماعي في أحلى صوره، خاصة في ظرف بالغ التعقيد تعيشه البلاد جراء النزوح المتزايد وتدهور الأوضاع الإنسانية. ووجدت الخطوة ترحيباً واسعاً من إدارة المخيم ولجنة الطوارئ بمحلية الدبة، حيث أُشير إلى أن المبادرة جاءت في وقت حساس يتطلب مثل هذه الوقفات من الشخصيات المؤثرة والمجتمعية، التي تستطيع أن تقدم ما هو أكثر من الدعم المادي، وهو الدعم النفسي والمعنوي الذي يحتاجه النازحون في مثل هذه الظروف.

 

 

 

 

وخلال مخاطبته الحضور، قدّم الفنان محمد النصري كلمات حملت كثيراً من المشاعر الداعمة، إذ أكد أن مأساة الفاشر ليست مأساة منطقة بعينها، وإنما هي مأساة وطن كامل، وأن أبناء الفاشر رغم الألم والفقد والرحلة الطويلة التي عاشوها هرباً من نار الحرب، ظلوا مثالاً للصبر والقوة والثبات، مبيناً أن الاحترام والتقدير الذي يحمله لهم كل أبناء السودان لم يأتِ من فراغ، بل من تاريخ طويل من المواقف والموروث والقيم، وربط النصري ذلك بذكر السلطان علي دينار الذي لا يزال رمزاً للشهامة والنجدة والكرامة في ذاكرة الشعب السوداني.

وفي خطوة لافتة، أعلن النصري توقفه عن الغناء خلال هذه الفترة حتى “تطيب الجراح ويتعافى الوطن”، بحسب تعبيره، وهو موقف أثار إعجاب الحاضرين ووجد ردود فعل إيجابية واسعة عبر الوسائط، باعتباره يعكس حساً وطنياً عالياً وإدراكاً لطبيعة المرحلة الحرجة التي يمر بها السودان، إضافة إلى كونه رسالة معنوية قوية بأن واجب الفنان لا يقتصر على الفن وحده، بل يمتد ليشمل الوقوف مع الناس في أزماتهم ومواساتهم والتخفيف عنهم بكل الوسائل الممكنة.

 

 

 

 

 

وأشاد النصري بالاستقبال الكبير الذي وجده أبناء الفاشر في الولاية الشمالية، وقال إن حفاوة الناس هناك تعكس معدن أهل الشمال المعروف بالكرم والنخوة، وإن النازحين سيجدون “السند والعون في كل وقت”، مشيراً إلى أن السودانيين عبر تاريخهم الطويل أثبتوا أن وحدتهم تظهر في أوقات الشدة، وأن الظروف القاسية لا تزيدهم إلا تماسكاً وإصراراً على تجاوز المحن. وأضاف أن البلاد تقف اليوم في مفترق طرق حقيقي، وأن الوعي الشعبي هو السلاح الأول في مواجهة التحديات، داعياً إلى عدم الالتفات إلى الشائعات المضلّلة في مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تهدف إلى ضرب النسيج الاجتماعي وإحداث بلبلة بين المواطنين.

وأكد النصري أن الشعب السوداني لم يكن يوماً شعب حرب، وأن الحرب التي تدور اليوم فُرضت عليه، لكنه رغم ذلك يظل متمسكاً بالأمل ومؤمناً بأن النصر سيكون حليف أبناء الوطن الشرفاء الذين وقفوا في صف واحد للدفاع عن أرضهم وكرامتهم ومستقبل بلدهم. وطالب بضرورة تكثيف المبادرات المجتمعية داخل الولاية الشمالية وفي بقية الولايات لاستقبال ومساعدة النازحين، مشدداً على أن التعاون هو السبيل الوحيد لعبور هذه المرحلة الصعبة.

 

 

 

 

وتأتي هذه المبادرة في وقت يشهد السودان فيه أوسع موجة نزوح داخلي منذ بداية الحرب، ما جعل المناطق الآمنة في الولايات الشمالية والشرقية تستقبل آلاف الأسر التي تبحث عن مأوى واستقرار مؤقت إلى حين عودة الأمور إلى طبيعتها. وتؤكد مبادرة الفنان محمد النصري—بما حملته من رسالة إنسانية ووطنية—أن دور الفن والفنانين يتجاوز الترفيه إلى تعزيز قيم السلام والتماسك الاجتماعي، وهي قيم يحتاجها السودان اليوم أكثر من أي وقت مضى، في ظل التحديات التي تواجه البلاد سياسياً واقتصادياً وإنسانياً.

وبين مشاعر الامتنان في معسكر العفاض وتصاعد المبادرات الشعبية في الولاية الشمالية، يبرز سؤال واحد يطرحه الجميع: كيف يمكن لهذا التكافل أن يتحول إلى جهد منظم ومستدام يساهم في حماية النسيج الاجتماعي وتخفيف آثار الحرب؟ والإجابة تبدو واضحة في رسالة النصري: أن الأوطان تُشفى حين يتكاتف أهلها، وأن البلد التي تفتح قلبها لأبنائها في وقت الشدة لا يمكن أن تنكسر مهما طال الليل.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى