أخبار

بعد عام من خطوة غير متوقعة… ما الذي تغيّر بين كسلا وبورتسودان؟

النورس نيوز

بعد عام من خطوة غير متوقعة… ما الذي تغيّر بين كسلا وبورتسودان؟

النورس نيوز _ في مشهد لم يكن يتوقعه الكثيرون قبل عام واحد فقط، تحولت واحدة من أكثر الرحلات مشقة داخل شرق السودان إلى تجربة مريحة وآمنة، بعدما أعلنت شركة تاركو للطيران تشغيل خط جوي منتظم يربط بين كسلا وبورتسودان، متجاوزةً طريقاً برياً ظل لعقود رمزاً للمعاناة وتدهور البنية التحتية. تلك اللحظة التي انطلقت فيها أول رحلة بين المدينتين لم تكن حدثاً اعتيادياً، بل شكلت نقطة تحول كبيرة في حركة السفر والاقتصاد المحلي، وفتحت باباً واسعاً للحديث عن أهمية النقل الجوي الداخلي في ظل الظروف التي تمر بها البلاد.

 

 

 

 

البداية جاءت حين قررت تاركو أن تخوض التحدي، وأن تقدم لسكان شرق السودان خياراً مختلفاً ينقلهم من “جحيم الطريق” إلى “دفء السماء”، كما وصفه المسافرون آنذاك. وعلى متن تلك الرحلة الأولى، كانت عدسات مجلة “طيران بلدنا” ترصد مشاعر الفرح والاستقبال المهيب الذي حظيت به الطائرة عند وصولها، حيث بدا واضحاً أن الأمر يتجاوز تشغيل خط جديد، ليصبح بمثابة إعادة وصل بين مجتمعين تجمعهما الجغرافيا وتفرقهما مشقة الطريق.

وبحسب ما نشرته المجلة، فإن التشغيل لم يكن مجرد تجربة مؤقتة، بل انتقل تدريجياً إلى مستوى من الاستمرارية والانضباط، جعل الرحلات بين المدينتين جزءاً من الروتين اليومي لسكان شرق السودان. فقد شهد العام الماضي انتظاماً واضحاً في الجداول، وزيادة في الإقبال، وتنامي ثقة المسافرين في خدمات الشركة، خاصة بعد أن لمس الكثيرون الفارق بين الطريق البري المتدهور الذي طالما شهد حوادث وتوقفات، وبين سهولة الوصول جواً خلال دقائق معدودة.

 

 

 

 

ويرى مراقبون أن خطوة تاركو جاءت في توقيت بالغ الحساسية، حيث ارتفعت الحاجة إلى تحسين خيارات النقل الداخلي في ظل التحديات الأمنية والاقتصادية التي دفعت آلاف المواطنين للبحث عن بدائل آمنة وأكثر كفاءة. كما ساهم الخط الجوي في تنشيط الحركة التجارية والسياحية، خاصة أن بورتسودان باتت اليوم المركز الحيوي لمعظم الرحلات الدولية، بينما تمثل كسلا وجهة سياحية مهمة تعتمد بشكل كبير على حركة الزوار.

ومع مرور عام على التشغيل، اختارت تاركو أن تحتفل بطريقتها الخاصة، معلنةً تخفيضاً بنسبة 20% على جميع التذاكر من وإلى كسلا خلال الفترة من 20 إلى 25 نوفمبر، في مبادرة وصفت بأنها “تحية وفاء” لأهالي المدينة الذين دعموا الخط منذ انطلاقه. وتؤكد الشركة أن هذا الاحتفاء لا يهدف فقط إلى تعزيز الإقبال، بل يعكس التزامها باستمرار الخط وتطويره وفق احتياجات المسافرين.

 

 

 

 

وتشير بيانات غير رسمية إلى أن عدد المسافرين عبر الخط شهد ارتفاعاً ملحوظاً خلال الأشهر الماضية، خاصة في مواسم الأعياد والحركة التجارية، ما جعل تشغيله خياراً اقتصادياً ناجحاً للشركة، وفرصة حقيقية للمواطنين لتقليل الاعتماد على السفر البري الذي لا يزال محل انتقاد واسع بسبب تردي أوضاع الطرق القومية.

ويصف سكان كسلا وبورتسودان هذا الخط بأنه أحد أهم التحولات في خدمات النقل داخل الشرق، إذ أسهم في تقصير الوقت، وتخفيف أعباء السفر، وتوفير بديل آمن للعائلات والمرضى وكبار السن. كما أن العاملين في قطاع السياحة يؤكدون أن الربط الجوي بين المدينتين أعاد تنشيط الحركة الفندقية وزاد من فرص الاستثمار المحلي.

 

 

 

ويذهب البعض إلى أن التجربة قد تشكل نموذجاً يحتذى به لتطوير خطوط داخلية أخرى، في ظل الحاجة المتزايدة لإعادة توزيع خدمات الطيران بعد انتقال مركز السفر إلى بورتسودان خلال الحرب، مؤكدين أن نجاح عام كامل من التشغيل المنتظم يؤشر لمرحلة جديدة يمكن أن تمتد إلى مدن أخرى في شرق وغرب السودان.

إنها قصة نجاح صغيرة وسط تحديات كبيرة، بدأت برحلة واحدة حملت الكثير من التفاؤل، قبل أن تتحول إلى جسر جوي مستقر بين مدينتين تجمعهما التفاصيل اليومية وتفصلهما الجغرافيا. واليوم، وبعد مرور عام، يبدو أن ما تحقق لم يكن مجرد خط طيران، بل تجربة إنسانية واقتصادية متكاملة، أثبتت أن الحاجة حين تقابل الإرادة يمكن أن تصنع واقعاً مختلفاً يحلّق بعيداً عن مشقة الطريق.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى