
بعد أنباء السيطرة على الفاشر.. باريس تفاجئ الجميع بهذا القرار!
متابعات _ النورس نيوز
في خطوة فاجأت الأوساط الدبلوماسية والإقليمية، أعلنت فرنسا موقفاً حازماً حيال التطورات الأخيرة في إقليم دارفور، داعيةً إلى وقف فوري وشامل لإطلاق النار في السودان، ومنددةً بما وصفته بـ”الانتهاكات المروعة” التي شهدتها مدينة الفاشر عقب إعلان قوات الدعم السريع سيطرتها على المدينة.
جاءت الدعوة الفرنسية على لسان وزير الخارجية جان-نويل بارو، الذي عبّر خلال زيارة رسمية لإقليم لواريه شمال فرنسا، عن قلق بلاده العميق إزاء ما يجري في السودان، مشيراً إلى أن التقارير الواردة من الفاشر تنذر بوقوع “جرائم ذات طابع إثني خطير”، تستهدف المدنيين العزل وتفاقم المأساة الإنسانية المتصاعدة في الإقليم.
وقال بارو إن سقوط مدينة الفاشر بيد قوات الدعم السريع يمثل “منعطفاً مأساوياً” في الحرب السودانية، ويهدد بعودة دارفور إلى دوامة الصراع العرقي التي عاشها الإقليم قبل عقدين. وأضاف أن بلاده تتابع المعلومات التي وردت من منظمات دولية وفرق إنسانية، والتي تحدثت عن إعدامات ميدانية واغتصابات ونهب ممنهج وعمليات تهجير قسري بحق المدنيين، مؤكداً أن هذه الأفعال تمثل “جرائم لا يمكن السكوت عنها”.
وفي بيان رسمي، أكدت وزارة الخارجية الفرنسية أن باريس تدين بشدة الانتهاكات ذات الطابع الإثني المنسوبة إلى قوات الدعم السريع، مشيرة إلى أن هذه الانتهاكات “تضرب في صميم القانون الدولي الإنساني” وتستوجب تحقيقاً عاجلاً ومحاسبة المسؤولين عنها. كما طالبت فرنسا بوقف فوري للهجوم في شمال دارفور، وحذّرت من توسيع العمليات العسكرية إلى مناطق النزوح التي لجأ إليها آلاف المدنيين.
وأضاف البيان أن باريس تدعم الجهود الأمريكية والإفريقية الساعية لفرض هدنة إنسانية في السودان، وتعتبرها خطوة أولى نحو إعادة إطلاق عملية سياسية شاملة، مؤكدة في الوقت ذاته أن أي اتفاق لن ينجح ما لم تتوقف الانتهاكات ضد المدنيين ويُفتح ممر آمن لإيصال المساعدات الإنسانية إلى المتضررين.
وفي تطور متصل، أعلن مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أنه يتابع عن كثب ما يجري في الفاشر، محذراً من أن الجرائم الموثقة قد تُدرج ضمن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بموجب نظام روما الأساسي. وأكد المكتب أن المحكمة على استعداد لفتح تحقيق رسمي إذا ثبتت صحة التقارير الميدانية بشأن المجازر والانتهاكات الواسعة في الإقليم.
ويرى مراقبون أن التحرك الفرنسي المفاجئ يحمل أبعاداً تتجاوز الإدانة السياسية، إذ يعكس تحولاً في الموقف الأوروبي تجاه الأزمة السودانية، خصوصاً بعد فشل المبادرات الإقليمية السابقة في إيقاف النزاع المستمر منذ أبريل 2023. كما يفتح الباب أمام تحالف دولي جديد للضغط على الأطراف المتحاربة من أجل الجلوس إلى طاولة المفاوضات.
من جانبه، اعتبر خبير الشؤون الإفريقية بجامعة السوربون، الدكتور جان بيير رولان، أن الموقف الفرنسي الأخير يعيد فرنسا إلى دائرة التأثير في ملف السودان، مشيراً إلى أن باريس “تسعى لاستعادة نفوذها الدبلوماسي في القارة الإفريقية بعد تراجع دورها في السنوات الأخيرة”. وأوضح أن دارفور تمثل “اختباراً حقيقياً لجدية المجتمع الدولي في وقف الجرائم التي تُرتكب أمام أنظار العالم”.
تأتي هذه المواقف المتصاعدة في وقت حذرت فيه الأمم المتحدة من كارثة إنسانية وشيكة في دارفور، حيث يواجه ملايين المدنيين خطر الجوع والنزوح، وسط انعدام شبه كامل للخدمات الصحية وغياب المساعدات الدولية. وتشير التقديرات الأممية إلى أن أكثر من عشرة ملايين سوداني نزحوا داخلياً منذ اندلاع الحرب، في واحدة من أكبر موجات النزوح في إفريقيا خلال العقد الأخير.
وبينما يواصل الجيش السوداني تمسكه بمواقعه في شمال كردفان ووسط البلاد، تحاول قوات الدعم السريع تثبيت سيطرتها في دارفور والخرطوم، ما يجعل فرص وقف القتال تبدو بعيدة حتى الآن، رغم تصاعد الضغوط الدولية والعقوبات التي فرضتها واشنطن والاتحاد الأوروبي على قيادات من الطرفين.
ويترقب المجتمع الدولي ما ستسفر عنه التحركات الفرنسية الجديدة، خصوصاً أن باريس تسعى، بحسب دبلوماسيين، إلى دفع مجلس الأمن نحو إصدار قرار خاص بشأن دارفور، يتيح فتح ممرات إنسانية تحت إشراف الأمم المتحدة، ويعيد ملف الانتهاكات إلى الواجهة الدولية من جديد.











