
فيما بين البرهان وإدريس والإعيسر: حكاية الأخطاء السياسية والتحالفات المشوَّهة
بقلم: سيف الدولة حمدنا الله
النورس نيوز _ منذ الأسابيع الأولى لتعيين الدكتور كامل إدريس على رأس الحكومة، بدأ الفريق البرهان يكتشف أنه وقع ضحية ما يشبه المقلب السياسي. فقد أقنعه مستشاروه بأن إدريس، بمكانته الأممية وعلاقاته الدولية، قادر على كسب دعم عالمي لحكومة الانقلاب، بما في ذلك رفع تجميد عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي، وتنفيذ زيارات مكوكية لأمريكا وعواصم أوروبا وأفريقيا لتحقيق هذا الهدف.
لكن الواقع كان مختلفاً تماماً: خلال أكثر من نصف عام على توليه المنصب، قام إدريس بثلاث زيارات لدول الجوار لم تحقق سوى انتقادات وسخرية على منصات التواصل الاجتماعي بسبب الوقائع والملابسات المصاحبة لها.
الذي منع البرهان من تصحيح هذا الخطأ هو ضعف فرصه في تعيين رئيس وزراء بديل يحظى بقبول دولي ومحلي. فمن المتوقع أن يرفض أي شخص تولي منصب رئيس حكومة مدنية يكون مجرد واجهة بينما تدار الولايات من قبل حكام عسكريين معينين من قبل رئيس مجلس السيادة.
أما المقلب الآخر، فكان لفائدة إدريس نفسه حين تم تعيين خالد الإعيسر وزيراً للإعلام. فالإعيسر كان قد دعم إدريس وقدم له ترشيحه لرئاسة الحكومة، ولديه صداقة قديمة مع رئيس الوزراء، مما أعطاه نفوذاً متميزاً. ومع ذلك، حرم إدريس الإعيسر من المهام الأساسية لوزارته، بما في ذلك صفة الناطق الرسمي باسم الحكومة، كما تجاوزه في قرارات أخرى مثل إعادة الصحفية لينا يعقوب للعمل بقناة الحدث، وإزالة التماثيل التي كانت معدة للنصب في الميادين العامة، وتعيين مستشار صحفي لمكتبه.
الفرق بين إدريس والإعيسر واضح: الأول سعيد ومقتنع بالمنصب نفسه دون أن يشغله ما يحدث حوله، بينما الإعيسر متمرد بطبعه، يستمر في التعبير عن رأيه بصيغة المواطنة العادية عبر حساباته الشخصية، كاشفاً عن سخطه من تجاوز سلطة الوزارة.
ويبقى السؤال المطروح: إلى متى يمكن أن يصبر كل طرف على صنيع الآخر في هذا المشهد السياسي المليء بالمفارقات والتجاوزات؟











