أسامه عبد الماجد يكتب:
البرهان وزيارة بن سلمان
0 من المقرر أن يقوم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بزيارة رسمية إلى واشنطن الثلاثاء المقبلة.. وتأتي الخطوة بعد ستة أشهر من زيارة الرئيس الأميركي ترامب إلى الرياض..والتي أعادت تأكيد المكانة المتقدمة التي باتت تتمتع بها المملكة على الساحة الدولية، والإقليمية.. سواء من حيث الدور المحوري في استقرار المنطقة أو الثقل الاقتصادي المتنامي المرتبط برؤية السعودية 2030.. ويا لها من رؤية.
0 هذه الزيارة تحمل دلالات أبعد من كونها لقاءً دبلوماسياً بين الرياض وواشنطن.. فهي تأتي في ظرف إقليمي دقيق يشهد تحولات متسارعة في موازين القوى.. بعد حرب غزة وحرب ال (12) يوما في ايران والاوضاع في لبنان وبلادنا.. كما اننا نلحظ تبدلاً في أولويات السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط.. قائمة على المصالح والتحدث بلغة الارقام كما اشرت قبل يومين في هذة المساحة.. لذلك عمدت ان اخصص هذة المساحة من هذا المدخل.
0 من من الحكمة أن يسعى السودان إلى استثمار هذا الحدث الكبير بما يخدم مصالحه العليا.. تاتي زيارة بن سلمان بعد نحو سبع سنوات من الزيارة الأولى للأمير إلى واشنطن عام 2018.. وهي الفترة التي شهدت تحولات جذرية في مكانة السعودية على الساحة العالمية.. فقد باتت الرياض اليوم فاعلاً لا يمكن تجاوزه في أي معادلة تخص المنطقة.. سواء من حيث الثقل الاقتصادي الذي تفرضه رؤية 2030، أو من حيث الحضور السياسي.. الذي غير المعادلة في ملفات معقدة كاليمن وسوريا وحتى في العلاقات الخليجية – الإقليمية.. ولذلك هرولت الامارات نحو افريقيا.
0 تبدو أمام الرئيس البرهان فرصة حقيقية ينبغي عدم إضاعتها.. فزيارة بحجم زيارة ولي العهد السعودي إلى واشنطن تفتح نوافذ تأثير متعددة. وهى ليست حدثاً عادياً، بل محطة يمكن أن تعيد رسم بعض مسارات المنطقة.. وينبغي على الرئيس البرهان أن يقرأ المشهد بعمق.. ويدير ظهره “للهتيفه” من صحفيين وسياسيين وانتهازيين.. وأن يدرك أن النفوذ السعودي اليوم يمثل أحد أهم موازين التأثير في ملفات المنطقة.. وأن التواصل المباشر مع القيادة السعودية في مثل هذا التوقيت سيفتح آفاقاً جديدة أمام السودان على المستويين السياسي والاقتصادي.
0 من الأفضل أن يبادر البرهان بإرسال مبعوث رئاسي رفيع إلى الأمير محمد بن سلمان.. ليعبر بوضوح تام عن تطلع السودان إلى دور سعودي فعال في دعم السلام والاستقرار في بلادنا التي ابتليت بالجنجويد والمرتزقة.. بما يحقق مصلحة السودان، والمملكة نفسها والتي تحتاج لبلادنا في ثلاثة ملفات مهمة (تعزيز امن البحر الأحمر، الزراعة والمياة ومكافحة الإرهاب والتطرف العنيف) والسودان معروف عنه الوسطية والاعتدال.
0 لو اقدم البرهان على هذة الخطوة التي تتطلب قدراً من الشجاعة.. سيعزز موقعه كرئيس للمرحلة المقبلة في سودان آمن ضمن المعادلة الإقليمية الجديدة.. التي تتشكل ملامحها اليوم بين الرياض وواشنطن ومراكز القرار الدولي.. وبدأت تاثيراتها تظهر في دمشق فالانفتاح العربي الأخير على سوريا ورئيسها لم يكن ليحدث لولا مبادرة الأمير محمد بن سلمان.. ودوره في تهيئة الأرضية للقاء سياسي حساس، كالذي جمع الرئيس الشرع بنظيره الأميركي في الرياض وزيارته قبل يومين لواشنطن.. كأول رئيس سوري يزور البيت الأبيض.
0 السعودية تملك اليوم قدرة هائلة على تحريك الملفات الإقليمية.. بما يتجاوز البعد المالي أو الاستثماري، فهي أصبحت وسيطاً مؤثراً بين واشنطن وعواصم القرار العربية،. ولديها علاقات متوازنة مع كل من موسكو وبكين. وفي ظل هذا التوازن، يمكن للرياض أن تلعب دوراً محورياً في انهاء الحرب والمساهمة في صناعة مبادرة سلام واقعية تنبع من الداخل السوداني ويتم دعمها إقليمياً دون وصاية.
0 قد يقول واين موقع الإمارات في هذة المعادلة ؟.. هناك امر مهم للغاية لا يمكن تجاهله.. ويجب الاشارة اليه بوضوح وهو أن علاقة الرياض بأبوظبي تمر بمرحلة تباين في بعض الملفات الإقليمية.. في مقدمتها ملفي اليمن وايران، رغم متانة المصالح المشتركة بينهما. لذلك، فإن اقتراب السودان من السعودية في هذه اللحظة يمكن أن يمنحه مساحة أكبر للتحرك الدبلوماسي المستقل، بعيداً عن ضغوط المحاور المتصارعة في المنطقة.. كما ان السعودية لديها مصلحة مصير مشترك معنا ( أمن البحر الأحمر).
0 لقد أثبت الأمير محمد بن سلمان خلال الأعوام الماضية أنه ليس مجرد صانع قرار سعودي وملهم لشباب بلاده.. بل لاعب إقليمي يعيد رسم خريطة الشرق الأوسط الحديثة.. وفتح قنوات الحوار بين الخصوم. هذا الدور النشط يعكس رؤية سعودية جديدة تسعى إلى استقرار المنطقة عبر حلول سياسية وليس عبر المواجهات والتدخلات الخاسرة الخائبة.. وهذا مايجب ان يراهن عليه البرهان ويستثمره.
0 إن زيارة الأمير بن سلمان إلى واشنطن تمثل لحظة سياسية فارقة لا تخص السعودية وحدها.. بل تمس مجمل التوازن الإقليمي.. ومن الخطأ أن يقف السودان متفرجاً على مشهد كهذا دون أن يسعى إلى حجز موقع له في ترتيبات ما بعد الزيارة.
0 ومهما يكن من أمر.. الواقع لا ينتظر المترددين.. ولا يمكن اختزال المشهد في امراة نازحة ترتمي في احضان الرئيس.
الخميس 13 نوفمبر 2025
osaamaaa440@gmail.com











