
العلاقات السودانية الأذربيجانية: نحو مسارات واعدة للتعاون
بقلم/ مصطفى عبد الحليم محمود
تشهد العلاقات بين جمهورية السودان وجمهورية أذربيجان تطوراً متنامياً يعكس عمق الروابط التاريخية والتقارب في الرؤى والمصالح بين البلدين. فمنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية في 1992م، حرص الجانبان على تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي، بما يخدم المصالح المشتركة ويعزّز من حضورهما في الساحتين الإقليمية والدولية. وقد شكّل فتح سفارة السودان في باكو في العام 1993م نقطة تحول مهمة في مسار العلاقات الثنائية، إذ أسهم في توسيع قنوات التواصل وتفعيل آليات التنسيق بين المؤسسات الرسمية في البلدين.
على الصعيد السياسي، ظلّ البلدان يتبادلان الدعم في المحافل الدولية، انطلاقاً من مبادئ الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والدفاع عن قضايا العدالة وحق الشعوب في تقرير مصيرها. كما يجمع السودان وأذربيجان عضويتهما في منظمة التعاون الإسلامي وحركة عدم الانحياز، حيث تنسّقان المواقف تجاه القضايا ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها مكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن والسلم الدوليين. وقد عبّرت باكو مراراً عن تضامنها مع السودان في مواجهة التحديات الداخلية التي يمرّ بها، فيما ثمّن السودان دعم أذربيجان لقضايا التنمية والاستقرار في اقليم جنوب القوقاز.
وفي هذا السياق، تأتي الزيارة المرتقبة لنائب وزير الخارجية الأذربيجاني إلى السودان على رأس وفد حكومي رفيع كمؤشر إضافي على حرص حكومتي البلدين على المُضي قدماً في تعزيز العلاقات الثنائية وتعظيم المصالح المشتركة في مختلف المجالات. ومن المتوقّع أن تشهد هذه الزيارة، ولأول مرة، انعقاد مشاورات سياسية رسمية بين وزارتي الخارجية في البلدين، إلى جانب بحث آفاق أوسع للتعاون الاقتصادي والتنموي، واستكشاف فرص جديدة للشراكة الثنائية.
أما في المجال الاقتصادي، فتبرز فرص واعدة للتعاون في قطاعات الطاقة، والزراعة، والتعدين، والتعليم العالي، والنقل الجوي. إذ تمتلك أذربيجان خبرات متقدمة في مجال النفط والغاز يمكن للسودان الاستفادة منها، في حين تمثل الأراضي الزراعية السودانية الغنية مجالاً رحباً للاستثمارات الأذربيجانية. كما شهدت العلاقات الأكاديمية والثقافية تطوراً ملحوظاً عبر تنظيم الفعاليات الثقافية المشتركة التي تعكس التنوع الحضاري والثراء الثقافي للشعبين الصديقين.
تستند العلاقات السودانية–الأذربيجانية اليوم إلى قاعدة صلبة وإرادة سياسية واعية تدفعها إلى آفاق أوسع من التعاون الاستراتيجي. فعلى الرغم من التحولات والتحديات التي تفرضها البيئة الإقليمية والدولية، يواصل البلدان ترسيخ نهج من التنسيق المستمر والحوار المسؤول، بما يجعل من الشراكة بين الخرطوم وباكو عنصراً داعماً للاستقرار ومساراً لتعزيز التنمية المشتركة. ولا تقتصر هذه العلاقة على تبادل المصالح فحسب، بل تقوم على فهم متبادل ورؤية متقاربة لمفهوم التعاون الدولي، بما يجعلها نموذجًا متقدّمًا للعلاقات بين دول الجنوب العالمي، حيث تتلاقى المصالح مع احترام السيادة وتعظيم المنافع المشتركة.









