مقالات

ما الذي سيحدث بعد خطاب البرهان؟

النورس نيوز

ما الذي سيحدث بعد خطاب البرهان؟

النورس نيوز

بقلم: عزمي عبد الرازق

أعاد خطاب الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان الأخير ترتيب المشهد السياسي والإقليمي على نحوٍ غير مسبوق، بعدما وجّه ضربة مباشرة لـ«الرباعية» وأسقط ما تبقى من الغطاء الذي تتحرك من خلفه الأجندات العابثة بمستقبل السودان.
لم يكتفِ البرهان بإعلان الموقف العسكري؛ بل كشف على لسانه حقيقة الدور الذي لعبه مسعد بولص، كبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط وإفريقيا، والذي اتضح—وفق ما خرج من كواليس المفاوضات—أنه ليس أكثر من مقاول سياسي تابع للإمارات، يحمل ذات أجندة المليشيا الجنجويدية، ويسعى إلى إعادة إنتاج المشروع الهادف لهدم الدولة وتمزيق نسيجها ونهب ثرواتها… نسخة جديدة من فولكر، ولكن بغطاء مختلف.

خطاب البرهان بدا بمثابة إعلان موقف موحد—شعبياً ورسمياً—لمواجهة كل تلك الأدوات التي توظفها أبوظبي داخل السودان، من منصات سياسية مثل «تقدم» و«صمود»، مروراً بالجيوش الإعلامية التي تُضَخّ فيها الأموال لتهيئة الرأي العام عبر أصوات معروفة، هدفها تكرار الأسطوانة المشروخة: «جيش الفلول» و«الرافضون للسلام».
لكن تلك الدعاية، رغم ضجيجها، أصبحت مكشوفة لقطاع واسع من السودانيين، بعدما تبيّن حجم التنسيق بينها وبين مشروع دقلو وشخبوط، الذي يستند إلى شبكة من الكومبرادورات والمغتربين الإعلاميين المأجورين.

الفقرة الأكثر حسماً في الخطاب، والتي ستشكّل نقطة تحوّل في الصراع، كانت قول البرهان:
«نحن وأصدقاؤنا وشركاؤنا متفقون على أن الحل الوحيد هو نهاية هذه المليشيا».
عبارة تختصر موقف ملايين السودانيين الذين دفعوا تضحيات هائلة من أجل استئصال هذا الورم الخبيث، كما تكشف أن السودان ليس وحيداً؛ فالمملكة العربية السعودية—بثقلها السياسي والاقتصادي والديني—انحازت بشكل واضح لوحدة السودان وسلامة أراضيه، إدراكاً منها لخطورة مشروع التقسيم على أمن البحر الأحمر والمنطقة ككل.
وتقف مصر وتركيا—وربما قطر—في ذات الاتجاه، مما يجعل صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان لاعباً محورياً دفع أثماناً باهظة في سبيل منع انهيار الدولة السودانية.

عسكرياً، تبدو مؤسسات الجيش والقوات المساندة في أعلى درجات الاستعداد لمعركة التحرير المرتقبة في كردفان ودارفور، بعدما فشلت مغامرة آل دقلو ومرتزقتهم، وسقط رهانهم على المسيرات الاستراتيجية التي لم تُحقق المكاسب المتوقعة.
سياسياً، فإن طريق السلام—إن كان هناك من يرغب فيه أصلاً—لن يمر إلا عبر «خارطة الطريق» والمبادرة السعودية–الأميركية، بعيداً عن أجندة بولص وشركاته وعمولاته وشاحناته الثقيلة.

اليوم يقف الجيش والشعب على قلب رجل واحد، مدفوعين بالإرادة والقدرة على مواجهة هذا المشروع الاستعماري المستتر. ولأول مرة منذ سنوات طويلة، يدخل السودان طواعيةً في الحلف السعودي، وهو دخول ستتلوه إصلاحات داخلية كبيرة ستظهر ملامحها مع مطلع العام القادم، لتُعيد صياغة العلاقة مع الغرب، وتعيد بناء مكانة السودان في الإقليم والعالم.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى