هجوم مباغت بطائرات مسيّرة في النيل الأبيض
النورس نيوز _ في تطوّر يعكس اتساع رقعة الهجمات على المناطق الآمنة في السودان، شهدت منطقة الهِلبة الواقعة غربي ولاية النيل الأبيض فجر اليوم هجوماً مفاجئاً نفذته مليشيا الدعم السريع باستخدام طائرات مسيّرة، ما أدى إلى وقوع عدد من الإصابات وسط السكان المدنيين الذين وجدوا أنفسهم في قلب قصف غير متوقع، وبدون أي مؤشرات مسبقة على تهديد عسكري في المنطقة. وأفادت مصادر محلية أن الاستهداف الجوي جاء بشكل مباغت، مستهدفاً منازل مواطنين كانوا يمضون يومهم بصورة طبيعية قبل أن تتحول سماء المنطقة إلى مصدر خطر يلفّه الذعر والدخان.
وقالت مصادر من المنطقة إن الطائرات المسيّرة التابعة للمليشيا حلّقت على ارتفاع منخفض قبل أن تطلق قذائفها مباشرة نحو التجمعات السكنية، مما أدى إلى سقوط جرحى من بينهم نساء وأطفال، بينما هرعت فرق الإسعاف المحلية وكوادر طبية من مناطق مجاورة لنقل المصابين وسط ظروف بالغة التعقيد بسبب ضعف الإمكانات وصعوبة الحركة في بعض الطرقات. وأكد شهود عيان أن صوت الانفجارات دوّى على مسافة واسعة، ما دفع عشرات الأسر إلى الفرار من المنازل القريبة خوفاً من تجدّد الهجمات.
ويأتي هذا الهجوم بعد سلسلة تصعيد متزايد شهدته عدة مناطق متفرقة من السودان خلال الأيام الماضية، حيث اعتمدت مليشيا الدعم السريع بشكل متواتر على الطائرات المسيّرة لضرب أهداف مدنية في ولايات مختلفة، ما يثير قلقاً متنامياً حول تحول هذه الأسلحة إلى أداة تستهدف المدنيين بصورة ممنهجة وليس فقط المواقع العسكرية التقليدية. وتزايدت المطالبات خلال الفترة الماضية بإدانة هذا النوع من الهجمات التي تستهدف مناطق لا تشهد نشاطاً عسكرياً، مما يجعل المدنيين الحلقة الأضعف في دائرة الصراع.
وشدد سكان محليون في الهلبة على أن منطقتهم لم تشهد أي اشتباكات أو تحركات عسكرية في الأيام الأخيرة، ما يعزز فرضية أن الهجوم كان موجهاً بشكل مباشر لخلق حالة من الفوضى وإرهاب الأهالي. وأكد أحد الأهالي في اتصال هاتفي أن “الضربة جاءت فجأة ودون أي مقدمات، وكانت موجهة نحو منازل لا علاقة لها بأي نشاط عسكري، وكل الضحايا من المدنيين”، مضيفاً أن “الناس الآن في حالة خوف شديد، والكثير من الأسر تحاول النزوح إلى مناطق أكثر أمناً”.
ومع استمرار الحرب في السودان واتساع نطاق استهداف المدنيين، تتصاعد التحذيرات من تداعيات إنسانية كارثية تلوح في الأفق، خاصة على المجتمعات الريفية التي تفتقر لمقومات الحماية والرعاية الصحية العاجلة. ومن المتوقع أن تثير هذه الحادثة الجديدة موجة تنديد ومطالبات بتحقيقات مستقلة ووضع حد للهجمات التي تتكرر بوتيرة مقلقة.
في الأثناء، لم تصدر السلطات الرسمية في النيل الأبيض بياناً مفصلاً حول الحادثة حتى لحظة إعداد هذا التقرير، إلا أن مصادر طبية أكدت وصول عدد من الإصابات إلى المستشفيات المحلية، وأن بعض الحالات وُصفت بأنها “حرجة”، وسط توقعات بارتفاع عدد الجرحى في حال العثور على مصابين داخل المنازل التي تضررت بالقصف. ويعمل متطوعون محليون حالياً على تقديم المساعدات الأولية وإجلاء الأسر التي تسكن قرب مواقع الاستهداف.
وتسلط هذه الهجمات الضوء على معاناة المناطق البعيدة عن خطوط التماس، والتي أصبحت أهدافاً متكررة لهجمات الطائرات المسيّرة خلال الشهور الماضية، في وقت يزداد فيه القلق الدولي من تفاقم الوضع الإنساني. كما يطرح الحادث تساؤلات حول كيفية وصول الطائرات المسيّرة إلى هذه المناطق، والدور الذي تلعبه في تغيير طبيعة المعارك داخل السودان، خاصة مع استخدامها لاستهداف المدنيين بصورة مباشرة.
ورغم الجيش الشعبي الذي يحاول إعادة الانتشار في ولايات خارج الخرطوم، فإن القدرة على رصد الطائرات المسيّرة أو اعتراضها لا تزال محدودة، مما يجعل السكان في مثل هذه المناطق عرضة للخطر في أي لحظة. ويخشى الأهالي أن تتحول هذه الهجمات إلى نمط متكرر يهدد الاستقرار في ولاية النيل الأبيض التي ظلت طوال الفترة الماضية بعيدة نسبياً عن العمليات العسكرية الكبرى.
ومع غياب حلول سياسية واضحة في الأفق واستمرار حالة الانفلات الأمني، تبدو حياة المدنيين — وخاصة في المناطق الريفية — أكثر عرضة للتقلبات الميدانية التي قد تتحول في أي لحظة إلى كوارث إنسانية جديدة. ويبقى السؤال الأكثر إلحاحاً: هل تتحرك الأطراف الدولية لوقف الهجمات على المدنيين قبل أن تتسع رقعة النزوح والمعاناة؟ أم أن هذه الحوادث ستصبح مجرد رقم جديد يُضاف إلى سجل طويل من الانتهاكات التي تطال المواطنين في السودان؟











