
دكتور اونور والجهاز المصرفي وبنك السودان
✍ مصعب عوض محمد خير
أوضح ابتداءً أن تعليقي هذا يقتصر على آراء الدكتور إبراهيم أونور المنشورة حول القطاع المصرفي، ولا يتناول شخصه. ولمن لا يعرفه، فالدكتور أونور بروفيسور في الاقتصاد بجامعة الخرطوم، تخرّج منها قبل أن أولد أنا شخصيًا، وهو من أنشط الباحثين السودانيين، وله عشرات الأوراق العلمية وسيرة أكاديمية حافلة تمنح آرائه وزنًا معتبرًا. غير أن المفارقة تكمن في أن بعض آرائه حول الاقتصاد والقطاع المصرفي السوداني تأتي محمّلة بغرابة شديدة، لا تتناسب مع مكانته العلمية الرفيعة.
من الأمثلة البارزة مقال نُشر قبل الحرب بأسابيع بعنوان استباحة الاقتصاد السوداني عبر اتفاقية الحريات الأربع مع مصر. كان المقال مليئًا بالمغالطات والمعلومات غير الدقيقة، حتى خُيّل إليّ أنه لا يمكن أن يكون صادرًا عن الدكتور أونور. غير أنني ولمزيد من التاكد قمت بالتواصل مع أحد الموثوقين من العاملين معه في الدوائر الفنية، ولدهشتي تبين لي فعلا أن المقال صادر من دكتور اونور . وقد ورد فيه طرح غريب يُحمّل بنك السودان المركزي مسؤولية فشل احتواء العملات المزورة، ويدعو إلى إنشاء “وكالة تخطيط اقتصادي” تشرف على البنك المركزي وتقيّم أداءه، وهو أمر مستغرب وغير مألوف في أدبيات السياسات النقدية. كما صرّح الدكتور في مارس 2024 بأن 67% من البنوك السودانية مهددة بالإفلاس بسبب العملات المزورة، وهو رقم يصعب تصديقه علميًا وعمليًا. وفي مثال آخر، قدّر إنتاج السودان من الذهب بـ 288 طنًا سنويًا (نحو 15 مليار دولار)، منها فقط 30 طنًا تُصدّر رسميًا، والبقية تُهرّب عبر شركات الدعم السريع بما يعادل 10 مليارات دولار سنويًا. وهذا الرقم يفوق التقديرات الرسمية والعلمية بأضعاف، بل يجعل السودان رابع منتج عالمي للذهب، متقدمًا على جنوب إفريقيا وغانا مجتمعين، وهو أمر غير منطقي إطلاقًا.
بعد الاطلاع وقراءة عدد من مقالات الدكتور أونور المتعلقة بالاقتصاد والجهاز المصرفي، اتضح أن كثيرًا منها يفتقر إلى الدقة ويجانب الحقائق الاقتصادية المستقرة. ولا يمكن بطبيعة الحال إنكار مكانة الدكتور الأكاديمية ولا التقليل من قدره، غير أن الأمانة المهنية تفرض التعليق على آرائه بما تستحق من نقدٍ علمي. وسأخصّ مقاله الأخير حول انهيار القطاع المصرفي والتزييف الإعلامي بمقال لاحق يوضّح أنه نموذج جديد من الآراء غير المستندة إلى وقائع علمية راسخة.











