بنك العجائب.. !!
✍️ بقلم: الطاهر ساتي
النورس نيوز _ لا يزال بنك السودان يمثل واحدة من أكثر مؤسسات الدولة إثارة للجدل، ليس فقط بسبب أزماته الهيكلية، بل أيضاً نتيجة القرارات المتناقضة التي تصدر بحقه. فبينما كان الرأي العام يتوقع إعفاء المحافظ برعي الصديق، فوجئ الجميع بقرار رئيس مجلس السيادة بإعفاء نائبه النور عجبنا عز العرب، بعد أقل من ثلاثة أشهر فقط على تعيينه.
هذا القرار، الذي جاء بلا توضيح للأسباب، أثار علامات استفهام واسعة: كيف يتم تعيين مسؤول رفيع في مؤسسة حساسة مثل البنك المركزي دون دراسة كافية لسيرته الذاتية ومسيرته المهنية، ليتم إعفاؤه بعد فترة وجيزة؟ ومن الذي رشحه أصلاً؟ وهل تمت عملية فحص دقيقة قبل تمرير اسمه؟
الجدل تضاعف بسبب ما أثير سابقاً حول عجبنا، من اتهامات وشبهات فساد ارتبطت ببيع أصول مصرف السلام حين كان مديره العام. ورغم أن تلك الاتهامات لم تُحسم قضائياً، إلا أن تعيينه في موقع حساس كان مدعاة للجدل منذ البداية.
غير أن القضية الأعمق تتجاوز شخص عجبنا. فالمشكلة الحقيقية تكمن في نهج إدارة بنك السودان نفسه. إذ يواجه البنك اتهامات بمحاباة بنوك تجارية محددة عبر احتكار الكتلة النقدية ومحافظ السلع الاستراتيجية، بحيث تتركز معظم الأسهم والسيطرة في يد بنك تجاري واحد، في انتهاك لمبدأ المنافسة العادلة.
الأدهى أن هذا النهج ينسحب حتى على قطاع الذهب، حيث يسعى البنك المركزي إلى منح ذات الجهة التجارية المحتكرة سلطة شبه مطلقة على تصدير الذهب، ما يعزز تحالفاً مقلقاً بين مراكز القوى داخل الدولة ورجال أعمال نافذين.
إن قرار إعفاء نائب المحافظ لا يحل أزمة البنك المركزي، بل يكشف عن ثغرات أعمق في آليات التعيين والرقابة، ويطرح السؤال الجوهري: كم من المسؤولين يشغلون مواقع حساسة بلا كفاءة أو استحقاق، حتى يتم اكتشاف فشلهم لاحقاً؟
ما يحتاجه السودان اليوم ليس مجرد إعفاءات جزئية أو قرارات مفاجئة، بل إصلاح شامل يضع حداً لاحتكار المؤسسات المالية، ويعيد لبنك السودان دوره الحقيقي كجهة منظمة ومستقلة قادرة على قيادة الاقتصاد، بعيداً عن نفوذ المصالح الخاصة وتحالفات القوى الفاسدة.
هل ترغب مني أن أعيد صياغته أيضاً في نسخة خبرية قصيرة بصياغة محايدة تصلح للنشر السريع ضمن الأخبار؟
