مقالات

فضيحة السعودية؟

النورس نيوز

فضيحة السعودية؟

✍️ بقلم: أسامة عبد الماجد

النورس نيوز _ ما جرى خلال زيارة رئيس الوزراء كامل إدريس إلى المملكة العربية السعودية لا يمكن المرور عليه مرور الكرام. فالأحداث التي صاحبت الرحلة وتداعياتها اللاحقة تكشف عن حجم الارتباك داخل مؤسسات الدولة، بل وتضع علامات استفهام كبرى حول كفاءة الفريق المساعد لرئيس الوزراء.

من الطبيعي أن تكون مثل هذه الزيارات فرصة لتعزيز العلاقات بين السودان والسعودية، إلا أن ما حدث تحول إلى أزمة محرجة أضرت بصورة البلاد في الخارج. البداية كانت من سوء التحضير، إذ لم يتقدم أي من معاوني كامل إدريس – ممثله الخاص الدكتور حسين الخليفة الصديق، أو مدير مكتبه ومستشاريه بدرجة وزير نزار عبد الله محمد وبدر الدين محمد علي الجعيفري – بزيارة مسبقة للسعودية لترتيب تفاصيل الزيارة كما هو متعارف عليه دبلوماسياً. وزاد من حدة الموقف غياب وزراء أساسيين مثل وزير الزراعة، وهو المسؤول عن أهم الملفات المشتركة بين البلدين.

الأدهى أن الشكوك ظلت تلاحق طبيعة الدعوة نفسها. لم يعلن مكتب رئيس الوزراء تلقيه دعوة رسمية من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ولم تصدر وكالة الأنباء السعودية أو وزارة الخارجية السودانية أي بيان واضح يحدد طبيعة اللقاء أو يؤكد رسمية الدعوة، لتبقى الزيارة في دائرة الغموض والارتباك.

المشهد بدا أكثر سوءاً حين ظهرت ارتباكات بروتوكولية في المظهر العام للوفد: مبعوث كامل إدريس يصل المدينة المنورة بملابس غير لائقة، ومستشاره بالزي الوطني، فيما ظل رئيس الوزراء محتفظاً بالزي الأفرنجي. هذه التفاصيل الصغيرة، لكنها مهمة، أظهرت غياب الانسجام والتنسيق.

حتى على المستوى الصحي، بدا أن معاوني كامل بعيدون عن مسؤولياتهم، إذ أصيب رئيس الوزراء بوعكة طارئة خلال الرحلة، لتكتفي وزارة الخارجية ببيان مقتضب يوضح أنها نتيجة إجهاد، في حين أن مثل هذه الأمور كان يمكن تفاديها بفحص طبي شامل قبل مغادرته.

من غير المنصف تحميل المملكة العربية السعودية أو سفيرها في الخرطوم، علي بن حسن جعفر، وزر فشل هذه الزيارة. فالسفير ظل مرابطاً في السودان طيلة فترة الحرب، وبلاده دعمت الخرطوم سياسياً وإنسانياً في أصعب الظروف، في وقت غادر فيه كثيرون. بل إن محاولات البعض التحريض ضد السفير السعودي لا تعدو كونها مسعى مكشوفاً لتسميم أجواء العلاقات مع الرياض، وهي محاولات تضر أكثر مما تنفع.

إن الفشل في إدارة هذه الزيارة يجب أن يحاسب عليه المسؤولون المباشرون، بدءاً من معاوني كامل إدريس، مروراً بالجهات الدبلوماسية التي قصرت في التنسيق، وصولاً إلى رئيس الوزراء نفسه الذي يتحمل النصيب الأكبر. المطلوب الآن تدخل مباشر من الرئيس عبد الفتاح البرهان لإعادة صياغة العلاقة مع السعودية على أسس جديدة، ولإعادة الانضباط في إدارة شؤون الدولة الخارجية.

ختاماً، ليس أمام كامل إدريس سوى التركيز على مهامه الأساسية التي ينتظرها المواطن: تحسين أوضاع الصحة والتعليم والغذاء، إلى جانب استتباب الأمن ودفع التنمية. أما مغامراته الخارجية غير المحسوبة، فهي لا تجلب سوى الأزمات والفضائح.

الجمعة 19 سبتمبر 2025
أسامة عبد الماجد
📩 osaamaaa440@gmail.com

 

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى