مقالات

مأساة “الختم المفقود”.. استثمار السودان بين الجمود والبيروقراطية

النورس نيوز

مأساة “الختم المفقود”.. استثمار السودان بين الجمود والبيروقراطية

بقلم: عبد الماجد عبد الحميد

النورس نيوز _ ما يحدث في مكاتب وزارة الاستثمار بالميناء الشمالي ببورتسودان ليس مجرد خلل إداري عابر، بل صورة فاضحة لواقع إداري يثير الحيرة، والحزن، والأسف في آنٍ واحد. أكثر من 300 من رجال المال والأعمال وأصحاب المصانع والمستوردين للمواد الخام يقفون منذ شهر كامل في طوابير الانتظار، رهائن لإجراء بسيط لا يتجاوز توقيعًا على ورقة مختومة. المشكلة أن “الختم” المطلوب لم يصل إلى المكتب منذ شهر كامل، وكأن مصائر الاستثمارات والصناعات تتوقف على قطعة معدن لا يتجاوز ثمنها عشرة آلاف جنيه!

 

 

صدق أو لا تصدق، اقتصاد بأكمله يتعطل بسبب ختم. خسائر يومية بالمليارات مقارنة بقيمة هذا الختم التافهة، ومع ذلك لا أحد من مسؤولي الوزارة يحرّك ساكنًا.

 

 

اتصلت بالموظف المسؤول في المكتب المعني لسؤاله عن أسباب الأزمة، فجاء الرد صادمًا بفظاظة غير مبررة: “أنا ما مسؤول، أمشوا اسألوا ناس الوزارة الفوق.. الوزيرة والوكيل.. لكن برضو ما تتعبوا، هم ما شغالين حاجة”. وحين سألته: ومتى يصل الختم؟! أجاب بجفاف: “بعد شهرين.. وأنا شغال.. أقفل الخط”.

 

 

السؤال الآن: أين وزيرة الاستثمار؟ وماذا تفعل إزاء هذا العبث الذي يشل حركة المستثمرين ويهدر الوقت والموارد؟ أليست من أولوياتها أن تتابع عن قرب ما يجري داخل إدارتها؟ هل يعقل أن يظل أكثر من 300 مستثمر ينتظرون ختمًا لشهر كامل، بينما الوزيرة غائبة عن المشهد؟

 

 

 

إن لم تتمكن الوزيرة من معالجة أزمة الختم، فلتقم على الأقل بزيارة مكتب وزارتها بالميناء الشمالي، لتثبت لموظفيها أنها موجودة “وشغالة”، ولتدرك بنفسها أن الاقتصاد السوداني لا يُعطّل بالسياسات الكبرى وحدها، بل بعقلية بيروقراطية لا ترى أبعد من مكتبها وختمها المفقود.

 

 

 

إنها مأساة إدارية تختصر مشهد الاستثمار في السودان: وعود كبيرة، وبيروقراطية خانقة، و”ختم” يوقف عجلة الصناعة والاقتصاد.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى