أخبار

بروميديشن.. واجهة استخباراتية أم منظمة سلام؟

متابعات _ النورس نيوز

بروميديشن.. واجهة استخباراتية أم منظمة سلام؟

تقرير: عثمان عبد الهادي

منظمة “بروميديشن” الفرنسية تثير جدلاً واسعاً في الاوساط السودانية، إذ تقدم نفسها كمنظمة غير حكومية تعمل في مجال الوساطة وحل النزاعات داخل القارة الإفريقية، خصوصاً في دول تعاني من أزمات معقدة مثل السودان وليبيا ومالي. غير أن الشواهد والاتهامات المتزايدة تضع المنظمة في خانة مختلفة تماماً، إذ يرى كثيرون أنها ليست سوى واجهة لأجهزة الاستخبارات الفرنسية تسعى للتأثير في المسار السياسي من خلف الكواليس.

 

واجهة استخباراتية بغطاء إنساني

تصنف “بروميديشن” نفسها كمنصة مستقلة، لكن واقع الأمر – بحسب تقارير ومتابعات – يشير إلى ارتباطها الوثيق بالأجهزة الرسمية الفرنسية. ويقع مكتبها الإقليمي الوحيد خارج فرنسا في تونس، حيث تدور شبهات حول صلاتها بيهود تونس. وقد ترأس برامجها سابقاً مسؤول فرنسي يهودي، فيما يديرها حالياً إريك بيلانشو، بينما يتولى ملف السودان شخص يدعى “مستر فينسنت”.

 

 

أدوار تتجاوز الوساطة

تؤكد المعطيات أن المنظمة لا تكتفي بتنظيم الحوارات، بل تقدم تحليلات وتقارير مباشرة للحكومة الفرنسية وأجهزتها الأمنية حول توازن القوى في السودان ودور الفاعلين السياسيين والعسكريين. كما تلعب دوراً استشارياً في القضايا الإفريقية الكبرى، ما جعلها محل شكوك واسعة، خصوصاً أنها كانت ممنوعة من العمل في مصر لفترات طويلة، فيما تنشط في مناطق النفوذ الفرنسي التقليدي.

نشاطها في السودان

ظهرت “بروميديشن” في المشهد السوداني بشكل ملحوظ خلال الأعوام الأخيرة. ففي عام 2024، نظّمت لقاءات جمعت بين وفود حكومية سودانية وحركات مسلحة تنشط في ليبيا والنيجر، بحجة دمجها في عملية السلام. لكن خطواتها قوبلت بانتقادات حادة واتهامات بمحاولة فرض أجندات خارجية على العملية السياسية.

 

 

ورش مثيرة للجدل

لم يقتصر نشاط المنظمة على الداخل السوداني، بل تعدّاه إلى ورش إقليمية ودولية مثيرة للجدل:

  • القاهرة (يناير 2024): نظمت ورشة عن الوضع الإنساني في دارفور، لكن الجيش السوداني وحركة العدل والمساواة (جناح جبريل) قاطعا الجلسات بسبب مشاركة مليشيا الدعم السريع.
  • سويسرا: حاولت إقامة ورشة حوارية هناك، لكن قوى مثل “الكتلة الديمقراطية” رفضت المشاركة، ووصفت الدعوة بأنها مشبوهة وغير منسقة.
  • ماليزيا (أغسطس 2025): عقدت ورشة جديدة بمشاركة شخصيات سياسية مثل إبراهيم محمود وغازي صلاح الدين، لكن أحزاباً إسلامية، بينها المؤتمر الوطني بقيادة أحمد هارون والمؤتمر الشعبي، قاطعتها بدعوى أن المنظمة تعمل لصالح أجندات استخباراتية.

اتهامات وانتقادات واسعة

تواجه “بروميديشن” سيلاً من الانتقادات داخل السودان، حيث تتهمها قوى سياسية ومجتمعية بالسعي لفتح المجال أمام مليشيا الدعم السريع لتكون جزءاً من أي تسوية سياسية، وهو ما ترفضه أطراف حكومية وعسكرية ترى في ذلك مساساً بالسيادة الوطنية. كما يذهب بعض المراقبين إلى أبعد من ذلك، معتبرين المنظمة غطاء غير مباشر للنفوذ الفرنسي واليهودي في المنطقة.

 

 

رفض سوداني رسمي وشعبي

الموقف السوداني تجاه المنظمة كان متبايناً، لكنه يميل إلى الحذر والرفض. فالجيش السوداني قاطع أنشطتها بشكل كامل، بينما أبدت قوى سياسية أخرى تحفظات على المشاركة بسبب ما وصفته بـ “غياب الشفافية”. في المقابل، هناك أصوات قليلة طالبت بقبول وساطاتها شريطة أن تكون مكملة لجهود إقليمية رسمية مثل الاتحاد الإفريقي أو منظمة الإيغاد.

 

خلاصة الأمر

تبقى “بروميديشن” منظمة مثيرة للجدل، تقدم نفسها كوسيط للسلام لكنها تُتهم بالعمل لحساب أجهزة استخباراتية، خاصة فرنسا، مستخدمة ملفات حساسة مثل دارفور كمدخل للتأثير. هذا الغموض جعل كثيراً من السودانيين يتوجسون من دورها ويعتبرونها جهة غير موثوقة، تتعامل مع أطراف متورطة في العنف وعلى رأسها مليشيا الدعم السريع.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى