
انقلاب في طرق تجارة النفط.. السودان يبحث عن بدائل بعد قرار الإمارات المفاجئ
متابعات _ النورس نيوز _ دخلت أزمة جديدة بين السودان والإمارات مرحلة التنفيذ العملي، بعدما بدأت الدولة الخليجية في منع شحنات النفط السوداني من دخول موانئها، وهو ما أدى إلى تعطل حركة التصدير وترك ناقلة محملة بعشرات آلاف الأطنان من الخام عالقة في عرض البحر منذ أيام.
وبحسب معلومات نشرتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن)، فإن ناقلة النفط “بولا” (Pola) من طراز سويزماكس، وتحمل نحو 80 ألف طن من خام مزيج دار المنتج في جنوب السودان والمصدَّر عبر بورتسودان، لم تتمكن من الرسو في ميناء الفجيرة الإماراتي منذ أكثر من أسبوع، بعد أن غادرت مرسى بشاير شرق السودان. الناقلة استأجرتها مجموعة فيتول العالمية، وكانت قد شوهدت مؤخرًا قبالة سواحل صحار بسلطنة عمان، على بعد نحو 100 كيلومتر من الفجيرة.
هذا التطور يأتي تنفيذاً لقرار الإمارات القاضي بحظر تداول الشحنات النفطية المتجهة من وإلى بورتسودان عبر موانئها، وهو القرار الذي صدر في مطلع أغسطس/آب الجاري عبر توجيهات رسمية من مجموعة موانئ أبوظبي.
خلفية سياسية وأمنية
التوتر بين الخرطوم وأبوظبي تصاعد مؤخراً، بعد أن اتهمت الحكومة السودانية الإمارات بدعم قوات الدعم السريع بالأسلحة، في الحرب التي دخلت عامها الثاني ضد الجيش السوداني. وردًا على ذلك، أعلن السودان قطع علاقاته الدبلوماسية مع الإمارات، الأمر الذي انعكس سريعًا على حركة النفط والتجارة.
ارتباك في تجارة النفط العالمية
الحظر الإماراتي لا يقتصر أثره على السودان فحسب، بل يمتد إلى أسواق الطاقة العالمية، حيث كانت الإمارات تستقبل ما بين 40 و45% من صادرات النفط السوداني، لتصبح بذلك الوجهة الأبرز للخام السوداني بفضل خصائصه منخفضة الكبريت المناسبة لمصافيها.
وتشير بيانات شركة كبلر التي استندت إليها منصة الطاقة، إلى أن الإمارات استوردت في يونيو/حزيران الماضي نحو 71.6 ألف برميل يوميًا من النفط السوداني، من إجمالي صادرات بلغت 185.7 ألف برميل يوميًا. أما في يوليو/تموز فانخفضت الصادرات الكلية إلى 147.5 ألف برميل يوميًا، بينما توقفت تمامًا إلى الإمارات منذ مطلع أغسطس/آب.
خيارات بديلة للتجار
مع انسداد الموانئ الإماراتية أمام الخام السوداني، لجأ التجار إلى إعادة هيكلة مسارات الشحن والبحث عن أسواق بديلة. من أبرز هذه الخيارات:
- الأسواق الآسيوية: مصافي التكرير المستقلة في الصين بدأت تبدي استعدادًا لاستقبال كميات إضافية من النفط السوداني.
- الأسواق الأوروبية: مصافي في إيطاليا واليونان زادت مشترياتها، خصوصاً مع تقديم السودان خصومات سعرية جعلت خامه أكثر جاذبية.
- عمليات المزج: بعض التجار يمزجون الخام السوداني مع أنواع أخرى لإعادة تسويقه بهويات مختلفة.
- التخزين العائم: تصاعدت حركة تخزين النفط في عرض البحر بانتظار صفقات جديدة.
صورة شاملة للصادرات السودانية في 2025
رغم الاضطرابات، بلغ متوسط صادرات السودان وجنوب السودان من النفط خلال النصف الأول من 2025 نحو 150-185 ألف برميل يوميًا، مع تسجيل أعلى معدل في يونيو. وتتصدر ماليزيا قائمة أكبر المستوردين بنحو 453 ألف برميل يوميًا منذ بداية العام وحتى أغسطس، تليها الإمارات قبل الحظر بـ 237 ألف برميل يوميًا، ثم إيطاليا بـ 109 آلاف، وسنغافورة بـ 79 ألفًا، بينما احتلت الصين المرتبة الخامسة بحوالي 21 ألف برميل يوميًا.
أزمة مفتوحة على احتمالات متعددة
وبينما تظل ناقلة النفط “بولا” عالقة دون مصير واضح، يرجّح مراقبون أن يُعاد توجيه شحناتها إلى سنغافورة أو مراكز جنوب شرق آسيا التي تملك مرافق كبيرة لتزويد السفن بالوقود وتخزين الخام. لكن في المقابل، لا يُستبعد أن تؤدي هذه الأزمة إلى مزيد من الضغط على السودان في ظل ظروفه الاقتصادية والسياسية الحرجة، وتفاقم أعباء البحث عن أسواق جديدة في وقت يشتد فيه التنافس العالمي على موارد الطاقة.
القرار الإماراتي، وإن كان يستهدف الخرطوم سياسياً، إلا أن تداعياته الاقتصادية تعيد ترتيب خارطة تجارة النفط العالمية، وقد تدفع السودان وجنوب السودان للارتماء بشكل أكبر في أحضان أسواق بديلة في آسيا وأوروبا، وسط أزمة متصاعدة يُنتظر أن تحدد مآلاتها موازين السياسة قبل اعتبارات الاقتصاد.











