أخبار

الطاهر إبراهيم الخير.. الوالي الذي واجه العاصفة بثبات

النورس نيوز

الطاهر إبراهيم الخير.. الوالي الذي واجه العاصفة بثبات

✍️ بقلم: مبارك عبدالقادر

في تاريخ السودان الإداري، برزت أسماء قلة من الضباط الإداريين الذين استطاعوا أن يتركوا بصمة لا تُمحى في ذاكرة الناس. ومن بين هؤلاء يبرز اسم الطاهر إبراهيم الخير، الوالي المكلّف لولاية الجزيرة، الذي واجه واحدة من أعقد المراحل وأكثرها قسوة خلال حرب الكرامة.

حين سقطت ولاية الجزيرة في قبضة المليشيا، وتهاوت مدينة ودمدني تحت وطأة الأحداث، نزح المواطنون، وأُغلقت أبواب المؤسسات، ولم يتبق وزير ولا موظف ولا حتى حارس. في تلك اللحظة الحرجة، لبس الطاهر الكاكي، وتولى إدارة دفة الأمور من محلية المناقل التي كانت تحت حصار خانق.

ورغم الضغوط والظروف القاسية، أدار الرجل شؤون الولاية بمعية الأجهزة الأمنية من جيش وشرطة ومخابرات، مسنودًا بطاقمه التنفيذي وطاقم مكتبه، وظل ثابتًا كالجبال الراسيات. لم يتوقف عند حدود الإدارة الشكلية، بل واصل تقديم الخدمات للمواطنين في المناقل وما جاورها، وأمدّ الأجهزة الأمنية والمقاومة الشعبية بالدعم والسند، وكان حاضراً في ارتكازات القوات المسلحة ومراكز الخدمة حتى انقشعت الغمّة وعادت مدني إلى حضن الدولة.

ومع فجر التحرير، نقل الطاهر سلطاته إلى أمانة الحكومة بودمدني، وبدأ مرحلة جديدة من التحديات تمثلت في إعادة الخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء، وترتيب عودة النازحين إلى مناطقهم بالتعاون مع لجنة أمن الولاية والقيادات الشعبية.

غير أن إشاعات الإقالة التي راجت مؤخراً عبر بعض المنصات الإعلامية، أعادت الجدل حول مصير الوالي. كثيرون رأوا فيها محاولة لتصفية حسابات سياسية، بينما أكد آخرون أنها تعبير عن صراع المصالح والتكالب على السلطة.

لكن بعيدًا عن الشائعات، فإن ما قدّمه الطاهر إبراهيم في تلك الفترة العصيبة من تاريخ الجزيرة، يضعه في مصاف القادة الذين واجهوا الأزمات بروح المسؤولية والتفاني. فهو لم ينحز إلى جهة، ولم يتأثر باعتبارات شخصية أو جهوية، بل جعل خدمة المواطنين وحماية الولاية هدفه الأول.

التاريخ عادة لا يذكر الجميع، لكنه يُخلّد أولئك الذين اختاروا الوقوف في صف الوطن في لحظات المحن. والوالي الطاهر إبراهيم، سيبقى اسماً محفوراً في ذاكرة الجزيرة، سواء استمر في موقعه أو غادره، لأنه كان نموذجاً للضابط الإداري العصامي الذي تصدى للعاصفة، وثبت حين تهاوى الكثيرون.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى