مقالات

رشان أوشي تكتب..الذهب حينما اختار دلقو وحلفا طريق الجسور لا الصدام

مقالات_ النورس نيوز

رشان أوشي تكتب .. الذهب حينما اختار دلقو وحلفا طريق الجسور لا الصدام

مقالات_  النورس نيوز _ لم تتوفر لكثير من الشعوب فرصة أن ترسم خرائطها بحبرها وإرادتها، فقد رسمت أغلب الخرائط بحبر “لوبيهات المصالح” وعلى قاعدة تقاسم مناطق النفوذ.
وفي السودان، أثبتت التجارب أن التعايش بين مكوناته مهمة بالغة الصعوبة. فقبول حق الآخر المختلف تحت سقف واحد يظل معركة شاقة، غير أن أهالي منطقتي حلفا ودلقو اختاروا مسلكاً نادراً في مجتمعاتنا: لا بد من تنازلات متبادلة، ولا بد من الإصغاء العميق لما يقلق الشريك والعمل على معالجته.

النزاع الأخير بين محليتي دلقو وحلفا حول التبعية الإدارية لمنطقة جبل البوم الغنية بالذهب أقلق الرأي العام في الولاية الشمالية، وهو قلق مبرّر؛ إذ إن أي انزلاق نحو انفراط العقد الاجتماعي ستكون عواقبه وخيمة على السودان كله. فمجتمعات الشمال المستقرة والمعتدلة تشكل فرصة لبناء جدار صلب ضد تشظي التراب الوطني.

على ضفة النيل في منطقة عبري، جلستُ في جلسة ودودة مع ممثلي اللجان الأهلية والمدير التنفيذي لمحلية حلفا أبوعبيدة برهان، بعد ساعات فقط من لقائي بممثلي أهالي دلقو ومديرهم التنفيذي. هناك، رأيت بأم عيني كيف يمكن أن تُبنى الجسور عندما تتوفر الإرادة الصادقة.

منهجية نادرة في السودان أفضت إلى اتفاق واضح: تثبيت تبعية “جبل البوم” لمحلية حلفا، على أن يتم اقتسام عائدات الذهب وفق نظام الورديات (ستة أشهر لكل محلية). وبهذا حُسم النزاع بالتراضي، ليمنح درساً في أن الشراكة لا تزال ممكنة إذا ما قدم كل طرف بعض التنازلات.

ثمار الذهب.. مشاريع على الأرض

في كل شياخة من شياخات أرض المحس (53 شياخة) قصة نجاح في توظيف عائدات الذهب لصالح الناس. فقد لمع مبدأ الشفافية في توجيه أموال “المسؤولية المجتمعية” نحو مشاريع ملموسة يراها المواطن بعينه.

محلية دلقو، مثلاً، سلمت المجتمع المحلي في يوليو 2025 ما يقارب 24 مشروع بنية تحتية، شملت كهرباء جزر ناب، مسل، سمت، ومياه جزيرة أردوان، ومدارس عبري، اقتري، أشي وهني، إلى جانب داخلية مدرسة كجبار للبنات. وما يزال العمل جارياً في 8 مشروعات إضافية، منها كهرباء جزر موقا، ناتارتي، وطريق الساحل الغربي بطول 47 كيلومتراً.

أما محلية حلفا فقد لمع دورها في إنشاء 6 مدارس جديدة، ومستشفى النساء والتوليد، إضافة إلى توفير 4 سيارات لنقل النفايات. كما يطالب الأهالي اليوم بإعادة تأهيل 7 مشاريع زراعية كانت في الماضي رافعة للاقتصاد المحلي.

عودة المهاجرين.. ضرورة لا ترف

آن الأوان لعودة أبناء وعائلات المحس، السكوت، حلفا المهاجرين إلى ديارهم، للانتفاع بما تجود به الأرض السخية. فقد تحسنت نوعية الحياة، وباتت البيئة مهيأة لأداء الأدوار التاريخية في دعم التط

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى