
أنس عمر.. من منزل حكومي إلى نهضة صنعت تاريخ
✍️ عبدالماجد عبدالحميد
■ تعود بي الذاكرة إلى العام الثاني من تولي الأخ العزيز أنس عمر منصب والي ولاية شرق دارفور. كنت يومها برفقة الأخ الصحفي أسامة عبد الماجد في زيارة إلى مدينة الضعين، حيث بدأ أنس عهده من منزل حكومي متواضع، مكعكع كما كنا نصفه، جمع بين كونه منزل الوالي ومكتبه ومكان استقبال ضيوف الولاية.
من داخل ذلك البيت وُضعت أولى الخطط لتغيير وجه المدينة، ومنها انطلقت نهضة عمرها لم تعرفها الضعين من قبل.
■ عدنا بعدها بعامين، لنشهد افتتاح مرافق جديدة بالولاية، وهناك التقطت تلك الصورة التي تُحرك فيّ اليوم شريطاً طويلاً من الذكريات. الصورة كانت من قلب حديقة في وسط مدينة الضعين.. المكان نفسه الذي كان يوماً ما مكباً للنفايات.
في ذلك المساء اصطحبنا أنس إلى الحديقة لنرى التحول الكبير: أسرٌ تفترش المساحات الخضراء، أطفال يتقافزون مثل الفراشات بين الألعاب، ومصلى ملحق بالحديقة جمعنا فيه صلاة العشاء.
حين وقفنا في المكان حيث التُقطت الصورة، التفت إليّ أنس ضاحكاً وسألني: “آها يا شيخنا.. تتذكر المكان دا كان شنو؟”، أجبته بالنفي، ليقول مبتسماً: “دي الكوشة الشفتوها المرة الفاتت!”
■ في اليوم الثالث للزيارة واصلنا الجولة مع أنس لنشهد افتتاح عدد من المرافق التي قامت من تحت الرماد، ووقفنا أمام قصص نهضة يحكيها أهل شرق دارفور بدهشة حتى اليوم. كان حراكاً تنموياً واقتصادياً واجتماعياً غير مسبوق في تاريخ الولاية، حراكاً صنعه رجل من داخل بيت حكومي مهجور، ومعه ثلة من المخلصين.
■ اليوم، وبعد كل تلك السنوات، يحتاج أبناء شرق دارفور إلى وقفة مع أنفسهم. عليهم أن يتأملوا الدرس جيداً، وألا يرهِنوا مستقبل أبنائهم للجهلة والمغامرين من أمثال حميدتي وأخيه عبدالرحيم. الطريق الذي يقودهم هؤلاء إليه هو طريق السراب والماء الحميم، وسيدفعون ثمنه غالياً إن لم يتداركوا أمرهم قبل فوات الأوان.
■ أما أنس عمر، فلن نسأل عن مكانه ولا عن مصيره، فحسبه أنه أدى ما عليه وأوفى بواجبه على أكمل وجه. وأما من يطاردونه ويعتقلونه، فإنهم في الحقيقة يعذبون أنفسهم ألف مرة، قبل أن ينالوا منه شيئاً.
عبدالماجد عبدالحميد











