مأساة جديدة في المتوسط.. قوارب تقل عشرات السودانيين قبالة السواحل الليبية تغرق
النورس نيوز _ شهد البحر الأبيض المتوسط فاجعة جديدة بعدما غرق قاربان يقلان عشرات اللاجئين السودانيين قبالة سواحل مدينة الخمس الليبية، في حادثة مؤلمة أعادت للأذهان سلسلة المآسي التي يتعرض لها الفارون من الحرب في السودان بحثاً عن ملاذ آمن. ووفق ما رصدته «النورس نيوز»، فإن الحادث وقع مساء السبت بينما كان المهاجرون يحاولون الوصول إلى الشواطئ الأوروبية عبر طريق الهجرة غير النظامية، قبل أن تنقلب القوارب في ظروف لا تزال تفاصيلها غير واضحة بالكامل، ما أدى إلى تسجيل عدد من الوفيات بينهم أطفال، فيما لا يزال آخرون مفقودين.
وأعربت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في ليبيا عن بالغ أسفها للحادث، مؤكدة أن من بين الضحايا سودانيين فرّوا من مناطق النزاع بعد سنوات من الانتهاكات والمعاناة الإنسانية. وأوضحت المفوضية أن معظم هؤلاء لم يجدوا أي بدائل آمنة أو قانونية للخروج من ليبيا، ما دفعهم لركوب البحر رغم المخاطر الكبيرة التي تحيط بهذه الرحلات. وأشارت إلى أن المأساة الجديدة تشكل امتداداً لمسار مؤلم يتكرر بصورة مقلقة في المتوسط، حيث يرتفع عدد الضحايا وتزداد حالات الفقدان بشكل مستمر.
وتأتي هذه الحادثة بعد أيام فقط من إعلان الأمم المتحدة وفاة عشرات المهاجرين في حادث مماثل قبالة السواحل الليبية مطلع نوفمبر الجاري، إذ فقد نحو 42 شخصاً حياتهم في انقلاب قارب كان يقل مهاجرين ولاجئين من جنسيات أفريقية مختلفة، بينهم 29 سودانياً، بينما نجا سبعة أشخاص فقط من بينهم أربعة سودانيين. وتشير سجلات المفوضية إلى أن ديسمبر الماضي شهد واحدة من أكثر الكوارث دموية حينما لقي 74 لاجئاً حتفهم، معظمهم من السودان، ولم ينجُ من الحادث سوى 13 شخصاً، فيما بقي عدد كبير من المفقودين دون أثر.
وتؤكد الإحصاءات أن حوادث الغرق ليست سوى جزء من أزمة أوسع تعيشها ليبيا نتيجة تدفق اللاجئين السودانيين الهاربين من الحرب، إذ تستضيف ليبيا اليوم أكثر من 357 ألف سوداني، وفق آخر تحديث صادر عن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في سبتمبر الماضي. ويتركز وجود هؤلاء في بلدية الكفرة بحدود 193 ألفاً، و80 ألفاً في طرابلس، و10 آلاف في بنغازي، إضافة إلى وجود آلاف آخرين في مصراتة والزاوية والجفارة ودرنة وطبرق والجبل الأخضر، ما يعكس حجم الضغط الهائل على المدن الليبية التي تعاني أصلاً من هشاشة الوضع الأمني والاقتصادي.
وبحسب منظمة الهجرة الدولية، فقد اعترض خفر السواحل الليبي 568 مهاجراً خلال الفترة بين 2 و8 نوفمبر الجاري، بينما جرى اعتراض 21,762 مهاجراً خلال عام 2024، و17,190 في 2023، فيما وصل عدد من أعيدوا إلى ليبيا منذ يناير وحتى نوفمبر 2025 إلى 23,513 شخصاً، في مؤشر على استمرار موجات الهجرة بوتيرة متصاعدة رغم المخاطر القاتلة التي تعترض طريقهم. وتؤكد المنظمة أن هؤلاء اللاجئين لا يغادرون السودان إلا بعد أن يجدوا أنفسهم أمام واقع قاسٍ يدفعهم للمجازفة بحياتهم في البحر.
وتشير المنظمات الدولية إلى أن استمرار الحرب في السودان هو المحرك الأكبر لهذه الموجات البشرية الهائلة، إذ يضطر آلاف الأشخاص إلى ترك منازلهم واللجوء إلى طرق بالغة الخطورة بحثاً عن الأمان أو فرص معيشية أفضل، في ظل غياب أي مسارات قانونية تنظم خروجهم أو توفر لهم حماية كافية داخل ليبيا. كما دعت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إلى ضرورة فتح مسارات آمنة وعمليات إجلاء دولية للحد من تكرار هذه الحوادث، مع التأكيد على أن إنهاء النزاع في السودان يمثل الحل الأكثر إنسانية لإنقاذ آلاف الأرواح من الغرق أو الاحتجاز أو الاستغلال.
وتظل المأساة الجديدة حلقة أخرى في سلسلة طويلة من الكوارث التي يدفع ثمنها مواطنون سودانيون فقدوا كل شيء، ولم يجدوا أمامهم سوى البحر طريقاً للخلاص، فيما يترقب العالم المزيد من الجهود الدولية لمعالجة جذور الأزمة ووقف نزيف الأرواح المتواصل على شواطئ المتوسط.











