هل يخلف أحمد القرشي الأعيسر؟.. تطورات جديدة في ملف لينا يعقوب وتوازنات السلطة داخل وزارة الإعلام
النورس نيوز
هل يخلف أحمد القرشي الأعيسر؟.. تطورات جديدة في ملف لينا يعقوب وتوازنات السلطة داخل وزارة الإعلام
النورس نيوز _ تشهد الساحة السياسية والإعلامية في السودان موجة جديدة من الجدل بعد التطورات التي رافقت قرار رئيس الوزراء برفع الحظر المفروض على قناتي العربية والحدث، وما تبعه من تحركات لوزير الثقافة والإعلام خالد الإعيسر، الذي وجد نفسه في قلب عاصفة سياسية وإعلامية متسارعة منذ حادثة مراسلة قناة العربية لينا يعقوب. وفي الوقت الذي يحاول فيه الوزير التأكيد على أن قرارات الوزارة تتم وفق مؤسسية، تتزايد التكهنات داخل الخرطوم بشأن إمكانية الإطاحة به، وصعود شخصية جديدة إلى مقعد الوزارة في محاولة لإعادة ضبط العلاقة مع الإعلام وإعادة تشكيل المشهد الداخلي.
ووسط هذا المشهد، برزت تساؤلات عديدة حول زيارة الإعيسر إلى القاهرة، والتي انتشرت صور منها بشكل واسع على منصات التواصل الاجتماعي، حيث ظهر الوزير في جلسة خاصة جمعت عدداً من الإعلاميين والصحفيين. ورغم أن الإعيسر شدد على أن زيارته كانت لأسباب أسرية، وأنه سيغادر إلى لندن قبل العودة مجدداً إلى القاهرة ومن ثم إلى بورتسودان لمواصلة مهامه، إلا أن التوقيت الحساس لهذه التحركات فتح الباب واسعاً للتأويلات، خصوصاً بعد اتصال رئيس الوزراء بلينا يعقوب، وإعلانه رسمياً رفع الحظر عن القناتين.
مصادر تحدثت لـ(نبض السودان) أكدت أن حادثة المذيعة لينا يعقوب ربما تدفع رئيس الوزراء لاتخاذ خطوة جريئة بإعفاء الإعيسر من منصبه، في ظل ضغوط متزايدة من أطراف سياسية وإعلامية ترى أن الوزارة لم تُحسن إدارة ملف العلاقة مع الفضائيات، إضافة إلى اعتقاد البعض بأن التوتر الأخير تسبب في إحراج الحكومة في لحظة سياسية شديدة الحساسية. وبحسب المصادر ذاتها، فإن قائمة المرشحين لخلافته تضم أسماء بارزة، أبرزها الإعلامي المعروف أحمد القرشي، الذي ينظر إليه باعتباره محسوباً على قوى الحرية والتغيير، ويتمتع بعلاقات جيدة مع عدد من المؤسسات الإعلامية الإقليمية، إضافة إلى شخصية أخرى هي عمار شيلا، المدير الحالي لقناة الأزرق، والذي برز اسمه في الساحة خلال الفترة الماضية بوصفه من القيادات الإعلامية الأكثر تنظيماً وتأثيراً.
ورغم أن ترشيح القرشي يلقى اهتماماً واسعاً داخل الأوساط السياسية، خاصة لقربه من بعض دوائر صناع القرار، إلا أن هناك من يرى أن تعيينه في هذا المنصب قد يثير حساسيات داخل الحكومة، التي تسعى حالياً لتجنب أي خطوات يمكن أن تفسر على أنها انحياز سياسي. ويعتقد مراقبون أن خبرة القرشي الطويلة في العمل الإعلامي، وارتباطه الوثيق بجماهير الحرية والتغيير، قد تمنحه الأفضلية إذا ما قررت الحكومة المضي قدماً في تغيير قيادة الوزارة، إلا أن الأمر ما يزال رهن الحسابات الداخلية لرئاسة الوزراء، التي توازن بين الضغوط السياسية والحاجة إلى شخصية قادرة على إدارة ملف الإعلام بكفاءة في ظل الظروف الحالية.
في المقابل، يرى آخرون أن عمار شيلا قد يكون خياراً أكثر قبولاً، لكونه شخصية إدارية وإعلامية بعيدة نسبياً عن التجاذبات السياسية المباشرة، ويمتلك خبرة عملية واسعة من خلال إداراته لقناة الأزرق، التي أصبحت إحدى القنوات الأكثر مشاهدة، وتعرف بتوازن تغطياتها. ووفقاً لمصادر مطلعة، فإن طرح اسم شيلا يأتي في إطار توجه حكومي نحو الاستعانة بوجوه إعلامية مهنية، قادرة على إعادة صياغة علاقة الدولة بالمؤسسات الإعلامية المحلية والخارجية، دون الدخول في اصطفافات سياسية حادة.
من جهة أخرى، كشفت مصادر خاصة لـ(نبض السودان) أن وزير الإعلام خالد الإعيسر لم يتخذ قرار إيقاف لينا يعقوب بشكل منفرد، بل كان القرار صادراً عن لجنة تضم عدداً من الأعضاء من مؤسسات مختلفة، ما يشير إلى أن تحميله كامل المسؤولية عن الأزمة لا يعكس الصورة الحقيقية لما جرى داخل الوزارة. وتؤكد المصادر ذاتها أن هذا الأمر يجعل احتمال تقديم الإعيسر استقالته ضعيفاً للغاية، رغم مطالبات بعض الإعلاميين والنشطاء بضرورة مغادرته للمنصب، على خلفية ما اعتبروه “سوء إدارة للأزمة” و”غياب الشفافية”.
وتشير القراءات الأولية للمشهد إلى أن رئيس الوزراء قد يميل إلى تهدئة الأجواء بدلاً من اتخاذ قرارات حاسمة وسريعة، خصوصاً في ظل مرحلة سياسية دقيقة تتطلب الحفاظ على تماسك الحكومة وتوازناتها الداخلية. إلا أن مصادر داخل الوسط الإعلامي ترى أن بقاء الإعيسر أو رحيله قد يرتبط بملفات أعمق من مجرد خلاف مع قناة أو صحفية، وأن الأمر قد يكون جزءاً من إعادة ترتيب أشمل للمؤسسات الإعلامية الرسمية، استعداداً لمرحلة سياسية جديدة تتطلب ظهور خطاب إعلامي أكثر انفتاحاً وتوازناً واحترافية.
ومع استمرار التوتر داخل المشهد الإعلامي، يظل السؤال الأبرز: هل يتجه رئيس الوزراء فعلاً نحو تغيير وزير الإعلام؟ وهل سيكون أحمد القرشي أو عمار شيلا هو البديل؟ أم أن الإعيسر سيظل في منصبه مع إعادة توزيع بعض صلاحيات اللجنة التي اتخذت القرار؟ الإجابات ليست محسومة بعد، لكن المؤكد أن الأيام المقبلة تحمل الكثير من التغييرات، وربما تعلن عن مرحلة جديدة في إدارة الإعلام السوداني في وقت تتصاعد فيه التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية التي تشهدها البلاد.












