
الجيش يكسر حاجز أربعة عقود.. استهداف لأول مرة منذ الثمانينات
النورس نيوز _ تقرير إسماعيل جبريل تيسو.. في تطور عسكري لافت، نفّذ سلاح الجو السوداني ضربات جوية دقيقة على مواقع استراتيجية تتبع للحركة الشعبية – جناح عبد العزيز الحلو – داخل مدينة كاودا، المعقل الأبرز للمتمردين في إقليم جبال النوبة، وذلك في أول عملية من نوعها منذ اندلاع التمرد في ثمانينات القرن الماضي.
مصادر عسكرية أكدت لـ“النورس نيوز” أن الهجمات كبّدت قوات الحلو خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات، بعد استهداف معسكرات رئيسية ومخازن إمداد داخل منطقة ظلت لعقود طويلة خارج نطاق عمليات الجيش.
ضربات دقيقة وخسائر مؤثرة
وبحسب المصادر، فقد استخدم الطيران الحربي مسيّرات هجومية لتنفيذ غارات مركّزة على موقع رئيسي للحركة الشعبية، أسفرت عن تدمير عربات قتالية مجهزة بالكامل، إضافة إلى مخازن للذخائر والوقود وآليات للنقل العسكري. وأوضحت المصادر أن القصف جاء بعد رصد نشاط لوجستي مكثف وتحركات إمداد وصلت كاودا أخيراً لدعم جبهات القتال في جنوب كردفان، وشمال وغرب كردفان، ودارفور.
منطقة محصنة لسنوات طويلة
كاودا، التي توصف بأنها “العاصمة الفعلية” للحركة الشعبية طوال العقود الماضية، عُرفت بكونها منطقة “مقفولة” يصعب اختراقها بفعل طبيعتها الجبلية الوعرة. وقد تمتعت بحماية طبيعية مكّنتها من استقبال طائرات أجنبية وممارسة نشاط اقتصادي موازٍ للدولة، أبرز موارده ذهب جبال النوبة الذي يسيطر عليه عبد العزيز الحلو.
وعلى الرغم من طول فترة التمرد، لم تتعرض كاودا لأي ضربات جوية سابقة، قبل أن يكسر الجيش هذا الحاجز التاريخي في عملية تُعد تحوّلاً استراتيجياً غير مسبوق.
الخبير معاوية: كاودا جنت على نفسها
الخبير العسكري الجنرال د. معاوية علي عوض الله رحّب بالعملية، مؤكداً أن كاودا كانت لسنوات طويلة نقطة الارتكاز الأساسية للإمداد العسكري القادم من جنوب السودان نحو جبهات القتال في كردفان ودارفور.
وقال للـ“النورس نيوز” إن الاستخبارات العسكرية تابعت تحركات الإمداد بدقة إلى أن جاءت اللحظة المناسبة لاستهدافها، مشيراً إلى أن تدمير المخازن والآليات يُعد ضربة موجعة للحركة الشعبية.
وأضاف أن تحالف عبد العزيز الحلو مع ميليشيا الدعم السريع جعل كاودا “هدفاً مشروعاً”، قائلاً: “يد الحرب الإلكترونية وسلاح الجو قادران اليوم على الوصول إلى أي نقطة، وقد جنت كاودا على نفسها بهذا التحالف”.
تحوّل في قواعد الاشتباك
ويرى محللون أن الهجوم الجوي على كاودا يعكس تغييراً كبيراً في قواعد الاشتباك، ويشير إلى رغبة الجيش في قطع خطوط الإمداد الحيوية التي غذّت التمرد طوال سنوات. كما يؤكد أن الحرب دخلت مرحلة جديدة أكثر اتساعاً وتعقيداً بعد تنسيق الحلو مع قوات الدعم السريع.
وتحمل هذه العملية رسالة واضحة مفادها أن المناطق التي ظلت بعيدة عن الاستهداف لعقود لم تعد كذلك، وهو ما قد يعيد تشكيل ميزان القوى في جنوب كردفان، ويمهّد لمرحلة مختلفة في الصراع المستمر.











