أخبار

عقار يطلق خطة حكومية تاريخية لكسر هيمنة المركز وإشعال نهضة الريف

متابعات - النورس نيوز

عقار يطلق خطة حكومية تاريخية لكسر هيمنة المركز وإشعال نهضة الريف

 

متابعات – النورس نيوز  – شهدت مدينة الدامر بولاية نهر النيل انعقاد ورشة التنمية الريفية في السودان بمشاركة وزراء وولاة وخبراء وممثلين لمنظمات وطنية ودولية، وذلك في إطار توجه الدولة نحو إعادة صياغة منهج التنمية بما يحقق العدالة في توزيع الموارد ويعالج اختلالات الهامش والمركز التي رافقت مسيرة الحكم منذ الاستقلال.

وخاطب نائب رئيس مجلس السيادة الجلسة الافتتاحية بكلمة مطولة تناول فيها الأسس الفكرية والتنفيذية للتنمية الريفية، وأسباب تعثرها التاريخي، والرؤية المستقبلية للدولة لمعالجة هذا الملف الذي يعتبره “عماد الاستقرار السياسي ومحرك الاقتصاد الوطني”.

النورس نيوز ينشر النص الكامل لكلمة عقار في ورشة التنمية الريفية:

السادة الوزراء
السادة الولاة
أخص بالتحية الدكتور محمد البدوي والي نهر النيل
الإخوة والأخوات ممثلي المنظمات الوطنية والدولية
الخبراء والباحثين وممثلي المجتمع المحلي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إنه لمن دواعي سروري، أن ألتقيكم ونحن نتحدث اليوم في هذا الملتقى الوطني المهم، وهو يحمل عنوان (ورشة التنمية الريفية في السودان)، والتي تأتي انطلاقاً من رؤية الدولة لبناء سودان يستفيد من كل إمكاناته الطبيعية والبشرية، دون تمييز أو تهميش لأي منطقة أو مجموعة عرقية أو إثنية محددة، وإنفاذاً لرؤية الدولة وتوجّهها نحو بناء سودان متوازن، مزدهر، وعادل في توزيع فرص التنمية بين كل مناطقه.

ولا يفوتني أن أثمن عالياً توسيع مهام وزارة الحكم الإتحادي لتشمل التنمية الريفية، وهذا يترجم فكرة الحكومة في تطوير الريف ويعزز مفهوم نقل المدينة إلى الريف.


الحضور الكريم:

أقتبس قول عمر بن الخطاب:
«إن الله قد ولانا على هذه الأمة لنسد لها جوعتها، ونوفر لها حِرفتها (عملها)، وإن عجزنا عن ذلك اعتزلناهم».

مفهوم التنمية الريفية متعدد الجوانب، وهي لا تعني مفهوماً واحداً متفقاً عليه، نسبة لتعدد وسائلها، وأحياناً البيئة والطبيعة والاحتياجات وربما التشريعات. هذا المصطلح حديث، ظهر بعد الحرب العالمية الثانية، لتحسين الأحوال المعيشية للمجتمعات المحلية، وهذا بالضرورة يعني مشاركة المجتمعات لتلبية احتياجاتها، وهي فكرة المسؤولية المجتمعية التي تقوم بها الشركات الكبرى في السودان الآن.

إن التنمية الريفية ليست مجرد مشروعات صغيرة أو تدخُلات محدودة، بل هي ركيزة الاستقرار السياسي، ومحور العدالة الاجتماعية، وعماد الاقتصاد الوطني. ولولا الريف لما كان السودان بلد الإنتاج أو الزراعة أو الثروة الحيوانية التي تشكل أساس معاش شعبه.

وإن التنمية ـ أياً كان نوعها ـ تتحقق بتوفر مقومات ضرورية نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

1/ التخطيط التنموي المتكامل National consolidated development programming
يتطلب وجود كادر مؤهل في مؤسسات الدولة المعنية. فمثلاً وزارة مهنية تجد الوزير معلماً، والوكيل قاضياً، ولا يوجد متخصصون في مجال الوزارة. هذه الفكرة لابد أن تتغير أو تُراجع.

2/ الموارد البشرية Resources
كيف نخلق أيدٍ عاملة ماهرة تحترم العمل؟ العامل السوداني يحتاج إلى بناء وتطوير القدرات والتنوع في المهارات وترجمة ذلك إلى إنتاجية. كيف نخلق فرصاً مالية استثمارية تكون جاذبة ومرنة؟

3/ السوق Market
البحث عن الشركاء Partners لتسويق الإنتاج.

4/ الوسائل الأساسية للتنمية Necessary basic requirements
الكهرباء عنصر أساسي للتنمية، ثم المياه، ثم التشريعات والخطة القومية التنموية المتكاملة.


السادة الحضور،

أولاً: تشخيص أسباب التخلف التنموي منذ الاستقلال

لقد مر السودان منذ عام 1956م بمحطات تاريخية وسياسية متقلبة تركت آثاراً عميقة على واقع التنمية، وبخاصة في المناطق الريفية. ويمكن تلخيص أهم الأسباب التي أدت للتخلف التنموي وضعفه في المحاور التالية:

1/ هيمنة المركز وتهميش الأطراف
منذ الاستقلال تركزت السلطة والموارد في العاصمة وبعض الحواضر، مما أدى لحرمان مناطق واسعة من الخدمات الأساسية. هذه المركزية رسخت فجوة عميقة بين المركز والريف. وهذا نتيجة إنكار الدولة لخصوصيات التهميش أو الهروب منه، ليس بسبب الأيدولوجيا فقط، بل بسبب اغتراب مثقفي المركز عن مجتمعات الهامش.

2/ ضعف الاستثمار في البنى التحتية الريفية
الطرق الزراعية، الجسور، الكهرباء، المياه، التعليم والصحة ظلت دون الحد المطلوب، فتحولت مناطق كاملة إلى جزر معزولة أعاقت حركة الإنسان والسلع وربط الريف بالاقتصاد الوطني.

3/ غياب الرؤية الاستراتيجية طويلة الأمد
اعتمدت الحكومات على خطط قصيرة تنتهي بانتهاء دورتها السياسية، فباتت كل ولاية تبدأ من الصفر في كل مرحلة.

4/ النزاعات والحروب
استنزفت الصراعات قدرات الدولة وعطلت المشاريع الاستراتيجية وأدت لنزوح الملايين من أراضيهم.

5/ سوء إدارة الموارد الطبيعية
رغم امتلاك السودان لأراضٍ خصبة وثروات حيوانية هائلة، إلا أن التكنولوجيا الحديثة لم تُعتمد بشكل كافٍ فظل الإنتاج تقليدياً وضعيف العائد.

6/ قصور الحكم المحلي وغياب الصلاحيات
لم تُمنح الإدارات المحلية التمويل والسلطات اللازمة لتقديم خدمات فاعلة.

7/ ضعف مشاركة المرأة والشباب
رغم أهميتهما في العملية الإنتاجية.

8/ التقلبات الاقتصادية والديون
أضعفت قدرة الدولة على الاستثمار في الريف وأثرت على جدوى الاستثمار الخاص.


ثانياً: رؤيتنا للإصلاح والتنمية الريفية

إن تشخيص الماضي لا يعني جلد الذات، بل يؤسس لنهضة جديدة تقوم على المبادئ التالية:

1/ العدالة في توزيع الموارد
2/ تمكين الحكم المحلي
3/ ربط الريف بالاقتصاد الوطني والعالمي
4/ إدماج المرأة والشباب
5/ شراكات مع المنظمات الوطنية والدولية
6/ الاعتماد على العلم والبيانات
7/ مشاركة المجتمعات المحلية في صناعة القرار
وهذا هو جوهر اتفاقية سلام جوبا.


ثالثاً: رسالة إلى المشاركين

إن اجتماعنا اليوم في مدينة الدامر ليس فعالية بروتوكولية، بل خطوة عملية نحو مشروع وطني كبير. ونؤكد في رئاسة الجمهورية التزامنا برعاية هذه الجهود، وتوفير البيئة السياسية والإدارية اللازمة لإنجاحها.

إن نجاح هذه الورشة ليس في توصيات تُكتب، بل في سياسات تُنفذ وبرامج تُطبق ومشروعات تُنجز على أرض الواقع.


ختاماً

أشكر وزارة الحكم الاتحادي والتنمية الريفية على تنظيم هذا الملتقى، وأشكر الخبراء والباحثين والشركاء الوطنيين والدوليين على حضورهم ومساهماتهم. وأسأل الله أن تكون هذه الورشة منطلقاً لنهضة ريفية حقيقية تغير وجه السودان وتعيد للريف مكانته ودوره القيادي في بناء المستقبل، ونحقق هدفنا نقل المدينة إلى الريف.

ونكتفي بالقول: «لعترها عاد لميس»

حفظ الله السودان وشعب السودان

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى