
مناوي يكشف أخطر خيوط الحرب: دعم خارجي يستهدف تغيير هوية دارفور
النورس نيوز _ في تطور لافت يكشف جانبًا جديدًا من تعقيدات الحرب المشتعلة في غرب السودان، أطلق حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي تصريحات نارية خلال مخاطبته تجمعًا واسعًا للنازحين بمنطقة الدبة في الولاية الشمالية، اتهم فيها دولاً وجهات كبرى—وفي مقدمتها دولة الإمارات—بتقديم دعم مباشر لقوات الدعم السريع بهدف تغيير الهوية السكانية لإقليم دارفور، في ما اعتبره “أخطر مراحل الصراع وأكثرها تهديدًا لوجود الإقليم وأهله”.
وقال مناوي إن الدعم العسكري واللوجستي الذي تتلقاه قوات الدعم السريع من جهات خارجية ليس دعمًا عابرًا أو محايدًا، بل يسعى بشكل واضح إلى فرض واقع ديمغرافي جديد داخل دارفور، وإعادة تشكيل تركيبتها السكانية بصورة قسرية، معتبرًا أن هذا المخطط يستهدف الهوية التاريخية للإقليم وأعرافه وثقافته، وأن محاولات “انتزاع روح دارفور” ستفشل مهما تعددت الأطراف الداعمة. وأكد أن دارفور كانت وستظل أرضًا لأهلها الأصليين الذين يدافعون اليوم عن وجودهم في ظل ظروف إنسانية صعبة.
وتزامنت تصريحات مناوي مع استمرار تداعيات سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر في السادس والعشرين من أكتوبر الماضي، وهي الخطوة التي شكّلت نقطة تحوّل خطيرة في ميزان الصراع، وفتحت الباب أمام موجة واسعة من الانتهاكات التي وثقتها هيئات محلية ودولية، وشملت القتل ونهب الممتلكات والاغتصاب، إلى جانب تهجير قسري لآلاف الأسر التي اضطرت إلى النجاة بأطفالها نحو مناطق أكثر أمانًا في الولاية الشمالية.
وأشار مناوي إلى أن الجرائم التي تشهدها دارفور اليوم تمثل امتدادًا لما وصفه بـ “الإبادة الجماعية” التي حدثت عام 2003، مشيرًا إلى أن الفاعلين هم ذاتهم، من مليشيات الجنجويد والدعم السريع والمرتزقة الأجانب الذين جرى استقدامهم من دول غرب إفريقيا، مؤكدًا أن الدعم الخارجي لهذه المجموعات ما يزال يتدفق بصورة منظمة ويغذي حالة الفوضى والانهيار القائمة في الإقليم.
وتتهم السلطات السودانية دولة الإمارات منذ أشهر بتقديم دعم لوجستي وعسكري لقوات الدعم السريع، بما يتضمن نقل مرتزقة وتجهيزات قتالية أسهمت في تعقيد المشهد الأمني بشكل كبير، بينما تنفي أبوظبي هذه الاتهامات في تصريحات متفرقة. ويرى مراقبون أن هذه الاتهامات أصبحت جزءًا من صراع تُستخدم فيه الموارد الإقليمية لتغيير موازين القوى داخل السودان.
وخلال كلمته أمام النازحين في الدبة، عبّر مناوي عن أسفه العميق للوضع الإنساني المتدهور الذي يعيشه المدنيون الفارون من الفاشر، واصفًا حياتهم في المعسكرات بأنها “قاسية وغير عادلة”، ومحملًا المجتمع الدولي جزءًا كبيرًا من المسؤولية بسبب ما وصفه بـ “الصمت المريب” تجاه الجرائم التي يتعرض لها السكان. وقال إن الأمم المتحدة والمنظومة الدولية خذلت السودان، رغم أنه عضو فيها يستحق الحماية والدعم بعد أن دفع ثمناً باهظاً من دماء أبنائه.
وشهدت منطقة الدبة تدفقات كبيرة للنازحين خلال الأسابيع الماضية، حيث وصلت آلاف الأسر التي قطعت مئات الكيلومترات سيرًا على الأقدام في ظروف إنسانية مريرة، بعد أن واجهت مخاطر القصف العشوائي والاشتباكات والانتهاكات، وسط نقص حاد في الغذاء والمأوى والخدمات الصحية. وتعهّد مناوي بالعمل على تأمين عودتهم إلى ديارهم حال تحسن الأوضاع الأمنية ووقف العمليات العسكرية.
وتستمر الاتهامات المتبادلة بين الحكومة السودانية وقوات الدعم السريع بشأن الأوضاع في دارفور، بينما تتوسع المخاوف من دخول الإقليم مرحلة جديدة أكثر تعقيدًا، خاصة في ظل الانهيار الأمني، وتصاعد التدخلات الخارجية، واتساع رقعة النزوح، وتراجع الدعم الدولي، بما ينذر بأزمة إنسانية تتجاوز قدرات الإقليم والدولة على مواجهتها.











