مقالاتأخبار

ثم الوضوح… حوارٌ في بروكسل لا يريدونكم أن تعلموا به

النورس نيوز

ثم الوضوح… حوارٌ في بروكسل لا يريدونكم أن تعلموا به

بقلم: الطاهر ساتي

النورس نيوز _ ليس عدلاً أن يستيقظ الشعب ليجد على طاولته حوارات لم يُخبر بها. ومع ذلك، فالمصادر الموثوقة تتحدث الآن عن حوار مرتقب، غير رسمي، بين حكومة السودان والاتحاد الأوروبي، في بروكسل، يوم الخميس ٢٧ نوفمبر واليوم الذي يليه. الحكومة لم تعلن. والاتحاد الأوروبي أيضاً. وكأن السرية قدرٌ لا فكاك منه… لماذا؟ لا ندري.

 

 

وفد السودان – كما رشح – برئاسة الفريق الصادق إسماعيل، مستشار رئيس مجلس السيادة لشؤون المنظمات، ومعه آخرون من الأجهزة العسكرية والأمنية والدبلوماسية. أجندتهم واضحة: وقف إطلاق النار، والملف الإنساني، والمسار السياسي، والطريق نحو حكومة مدنية، وما بعد التغيير الثوري… ثم ما يجب أن يُستفاد من التجارب السابقة.

ومن بين الملفات أيضاً: الانتهاكات، والمحاسبة، والعدالة الانتقالية، والصراعات القديمة، والمحكمة الجنائية، والسيناريوهات المتوقعة في السودان والمنطقة، إضافة إلى توصيات مؤتمر القاهرة (2)، ومؤتمر نيون، وخارطة الطريق التي سلمتها الحكومة للأمم المتحدة.

 

 

 

هذا كله لا يعيب الحكومة في شيء… إلا إخفاؤه. والمؤسف أن يصبح الإخفاء نهجاً. فعلى مدى الأسابيع الماضية، كانت مباحثات زيورخ والقاهرة وواشنطن تدور خلف الأبواب المغلقة. ولولا بيان مشيخة أبوظبي لما علم الناس باتصال محمد بن زايد بالبرهان (يوليو 2024). ولولا إسرائيل لما علموا بلقاء البرهان ونتنياهو (فبراير 2020). وما خفي أعظم.

من العيب أن يكون الشعب آخر من يعلم ما يُدار بشأنه. ولهذا، فإن النهج المطلوب هو الشفافية… ثم المؤسسية. وعلى مجلس السيادة – إن أراد نهجاً صحيحاً – أن يُوسّع قاعدة المشاركة في صناعة القرار، خاصة حين يكون القرار متعلقاً بمستقبل وطن وشعب. فالجيش، وقوى الكفاح المسلح، ومجلس الوزراء، أضلاع مثلث القرار… أو هكذا يجب أن يكون.

 

 

 

ثم هناك القوى الوطنية التي تقاتل مع الجيش والقوات المساندة في معركة الكرامة. هذه القوى يجب ألا تكون غائبة عن معارك السياسة، كما هي شريكة في معارك الميدان. لها آليات مشاركة مجرَّبة، وقد أثبتت نجاحها سابقاً في حماية ظهر الجيش من عبث العملاء في الداخل والخارج.

الطبيعي أن تُسبق مثل هذه المباحثات بورش ومراكز دراسات تُعد التوصيات. لكن ما يحدث عندنا مختلف… فالمراكز – إن وجدت – تتحول إلى مشاريع إعاشة، لأن الحكومات لا تقرأ توصياتها أصلاً.

 

 

 

 

الشعب يدعم البرهان كقائد للجيش، دعماً مطلقاً، حتى تحرير كامل تراب الوطن. ولكن من وحي تجارب مأساوية، فإن هذا الشعب لا يثق في القيادات السياسية التي اعتادت أن تفعل الشيء جهراً ونقيضه سراً… بهذا النهج ضاعت الثورة، وانفتح باب الفوضى، ودخلت البلاد الحرب.

وإن كان البرهان يريد – كما قال يوماً – أن يذكره التاريخ قائداً هزم أكبر مؤامرة دولية على السودان، فعليه أن يكون مؤسسياً، واضحاً، وقادراً على تقوية الجبهة الوطنية. فالنصر لا يتحقق بالجيوش وحدها، بل بالثقة أيضاً.

 

 

الحوار لا يعني التنازل للطرف الآخر، بل يعني معرفة نواياه وأجندته. ولذلك، لا أحد يعترض على الحوار حتى لو كان مع دولة الشر الراعية لمليشيا آل دقلو. لكن ما لا يقبله الناس هو أن يُخفى عنهم ما يتعلق بمصيرهم.

قبل الحوار… وبعده… المطلوب فقط: الوضوح مع شعب يحمي ظهر جيشه، ويقاسمه التضحيات.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى