وفيات بالعشرات وتسمم كيميائي جماعي يثير غضب السكان في هذه المنطقة!
تلودي – النورس نيوز
تشهد مدينة تلودي بولاية جنوب كردفان منذ صباح الأربعاء حالة من الاضطراب الشعبي والغضب العارم، بعد تفشي حالات تسمم جماعي يُعتقد أنها ناجمة عن تلوث كيميائي مرتبط بأنشطة تعدين تستخدم مواد خطرة على البيئة وصحة الإنسان.
ووفقًا لمصادر طبية ومحلية متطابقة، فقد ارتفع عدد الوفيات إلى 36 شخصًا، بينما تجاوزت الإصابات 245 حالة خلال الأيام الماضية، وسط تدهور حاد في الوضع الصحي واتهامات للشركات العاملة في مجال التعدين باستخدام مادة السيانيد والزئبق داخل مناطق آهلة بالسكان.
شهود عيان أكدوا لـ النورس نيوز أن المدينة دخلت في حالة غليان شعبي غير مسبوق، حيث خرج مئات المواطنين في مظاهرات حاشدة جابت شوارع تلودي مرددين هتافات تطالب بوقف التعدين فورًا ومحاسبة المتورطين في الكارثة. وذكر ناشطون أن بعض المتظاهرين حاولوا اقتحام مقار حكومية، قبل أن تتدخل قوات أمنية لتفريقهم، مما زاد من حالة التوتر الميداني.
وأفاد ناشطون بيئيون بأن الأعراض التي أصابت السكان شملت قيئًا مصحوبًا بزبد، وإسهالًا حادًا وارتفاعًا في درجات الحرارة، مؤكدين أن الحالات بدأت من منطقة التقولة القريبة من مواقع التعدين، ثم انتقلت إلى داخل أحياء تلودي نفسها، ما يشير إلى انتشار التلوث في المياه الجوفية والبيئة المحيطة.
وفي المقابل، لم تصدر السلطات الرسمية حتى الآن أي بيان توضيحي حول أسباب التسمم أو نتائجه المخبرية، فيما نفت مصادر طبية محلية أن تكون الإصابات ناجمة عن الكوليرا، مما زاد من حالة القلق والغموض بين السكان.
مصادر ميدانية كشفت أن اللجنة الأمنية المحلية أصدرت توجيهات تمنع تداول المعلومات أو التحدث للإعلام حول الحادثة، وهو ما اعتبره المواطنون محاولة للتعتيم على الكارثة، بينما وصف ناشطون بيئيون الوضع بأنه “كارثة صحية وإنسانية صامتة”، مطالبين بتدخل عاجل من وزارة الصحة الاتحادية والمنظمات الإنسانية.
ويرى مراقبون أن ما يحدث في تلودي يعكس فشلًا واضحًا في إدارة ملف التعدين الأهلي، إذ تتكرر الحوادث المرتبطة بالسيانيد والزئبق في ولايات السودان المختلفة، دون رقابة بيئية فعالة. كما حذروا من أن استمرار تجاهل الأزمة قد يؤدي إلى انهيار النظام الصحي في المدينة وانتشار التلوث إلى مناطق أوسع.
تاريخيًا، شهدت تلودي منذ عام 2014 موجات احتجاج مماثلة ضد شركات التعدين، بلغت ذروتها في عام 2019 عندما اندلعت مواجهات دامية بين السكان والقوات الأمنية. ويخشى الأهالي اليوم من تكرار السيناريو نفسه، في ظل ما وصفوه بـ“التراخي الرسمي والتعتيم المتعمد” على حقيقة ما يجري.
ويطالب المواطنون بفتح تحقيق شفاف ومستقل حول الكارثة، ووقف جميع أنشطة التعدين مؤقتًا لحين تحديد أسباب التلوث، مؤكدين أن حياة الناس لا يمكن أن تكون ثمنًا للذهب أو المصالح الاقتصادية.











