عثمان ميرغني: السودان يقف عند مفترق طرق.. ومخاطر السكون لا تقل عن الحركة
الخرطوم – النورس نيوز
قال الكاتب الصحفي المعروف عثمان ميرغني إن السودان يعيش مرحلة مفصلية من تاريخه، بعد أن تحولت الدولة إلى مجرد سلطات تحاول البقاء ضمن نطاق “قدر ظروفك”، في ظل تدهور مؤسساتها وتآكل بنيتها الإدارية والسياسية، مؤكدًا أن البلاد باتت على مفترق طرق خطير لم يعد فيه خيار التجمّد أو الانتظار ممكنًا.
وفي مقاله المنشور ضمن زاويته “حديث المدينة” ليوم الاثنين 13 أكتوبر 2025، أشار ميرغني إلى أن مرحلة كسب الوقت قد انتهت بعد ست سنوات من الدوران في حلقة الأزمات، محذرًا من أن الاستمرار في الوضع الراهن بات مستحيلًا، حيث تساوت – على حد تعبيره – مخاطر السكون مع مخاطر الحركة، في ظل غياب مشروع وطني واضح يعيد للدولة معناها الحقيقي.
الفساد السياسي أخطر من الحرب
وأوضح ميرغني أن الحرب في السودان لم تعد ذات وجه عسكري فحسب، بل اكتسبت أوجهًا أكثر خطورة تمثلت في الانهيار المؤسسي والفساد السياسي، الذي قال إنه خلق بيئة خصبة لتفشي الفساد الاقتصادي والإداري والاجتماعي، مضيفًا أن الوجه العسكري للحرب أصبح أقل خطرًا من الوجه المتوحش لانهيار الدولة.
وأضاف أن الكثيرين يتجاهلون هذه الحقيقة إما خوفًا من المواجهة أو طمعًا في الاستفادة من مكاسب آنية داخل واقع مستباح، معتبرًا أن تجاهل الأزمة هو ما جعل السودان يفقد مقومات الدولة بالمعنى المؤسساتي، ليصبح – على حد وصفه – مجموعة سلطات متفرقة تعمل وفق الحد الأدنى من نبض العمل الديواني.
ضرورة تأسيس دولة حقيقية
ودعا الكاتب إلى تجاوز الخطابات السياسية القديمة والاصطفافات العقيمة، مشيرًا إلى أن السودان بحاجة إلى دولة حقيقية قادرة على إدارة شؤونها وحماية مصالح شعبها، وليس مجرد سلطة تبحث عن البقاء. وشدد على أن الطريق نحو التسوية السياسية يجب أن يقترن بإرادة حقيقية لبناء مؤسسات قوية تضع حدًا للفوضى والفساد وتعيد الثقة للمواطن.
نهاية ثنائية “الكيزان وقحت”
وانتقد ميرغني استمرار السجالات السياسية الضيقة، مؤكدًا أن الانشغال بثنائيات مثل (كيزان – قحاتة) لم يعد مجديًا، لأنها لا تحل أزمات التعليم أو الصحة أو الخدمات الأساسية التي يعاني منها المواطن يوميًا. وقال إن “هذه المعارك لا توفر مقعدًا لتلميذ ولا دواءً لمرضى حمى الضنك ولا طعامًا لجائع ولا كهرباءً لمنازل المواطنين”.
رسالة للشعب والسلطات
وختم ميرغني مقاله بدعوة الشعب السوداني إلى الضغط على السلطات للاستجابة لمطلوبات الوطن والمواطن، معتبرًا أن هذا هو السبيل الوحيد لإنقاذ البلاد من وهن الحاضر وهاجس المستقبل، مؤكدًا أن الخلاص لن يأتي إلا من الداخل عبر وعي جمعي وحراك وطني مسؤول يضع مصلحة السودان فوق كل الاعتبارات.











