تصريحات نارية من ترامب: سد النهضة خُدعة أمريكية
متابعات _ النورس نيوز _؛أثار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عاصفة من الجدل مجددًا بتصريحات مفاجئة أطلقها عبر منصته الخاصة “تروث سوشيال”، هاجم فيها تمويل مشروع سد النهضة الإثيوبي، واصفًا الأمر بأنه “خطوة غبية” تمّت باستخدام أموال دافعي الضرائب الأميركيين، ومشيرًا إلى تداعيات اقتصادية وأمنية خطيرة تهدد دول المصب، وعلى رأسها مصر والسودان.
وفي منشوره الذي انتشر بسرعة عبر وسائل الإعلام، قال ترامب إن سد النهضة يشكل تهديدًا مباشرًا لمصالح مصر والسودان المائية، وإنه سيؤثر بشكل كبير على أمنهما الغذائي واستقرارهما الاقتصادي، خاصة في ظل اعتماد كلا البلدين على مياه النيل كمصدر رئيسي للحياة والتنمية. وأضاف أن الإدارة الأميركية في عهده كانت تدرك حجم هذا الخطر، ولهذا عمل شخصيًا على التوسط بين الأطراف المتنازعة من أجل التوصل إلى تسوية سلمية وتفادي التصعيد.
وأكد ترامب أن جهوده الدبلوماسية ساهمت في تحقيق ما وصفه بـ”الاستقرار المؤقت” في واحدة من أخطر أزمات المياه في العالم، لكن رغم ذلك لم تُقدّر مساعيه، ولم يحصل على أي اعتراف دولي، في إشارة ضمنية إلى استبعاده من نيل جائزة نوبل للسلام. وواصل قائلاً: “كنا قريبين من اتفاق تاريخي، لكن بعض القوى أفشلت المسار، والنتائج الآن تتحدث عن نفسها”.
وجاءت هذه التصريحات في توقيت اعتبره كثيرون غريبًا، خاصة مع تصاعد التوترات السياسية والعسكرية في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما النزاع المتصاعد بين إسرائيل وإيران، ما دفع بعض المحللين إلى التساؤل عما إذا كان ترامب يسعى لتحريك ملف سد النهضة مجددًا لأغراض سياسية داخلية أو ضمن حسابات أوسع تتعلق بالسياسة الخارجية الأميركية.
وتعكس تصريحات ترامب حجم القلق الأميركي ـ وربما الغربي عمومًا ـ من تداعيات مشروع سد النهضة، الذي يُعد من أكثر المشاريع المائية إثارة للجدل في القرن الإفريقي. وقد حذر خبراء مرارًا من أن استمرار أديس أبابا في ملء وتشغيل السد دون اتفاق مُلزم مع دولتي المصب يهدد الأمن المائي الإقليمي، ويُعرض ملايين البشر في مصر والسودان لمخاطر الجفاف، وتراجع الإنتاج الزراعي، وارتفاع أسعار الغذاء والطاقة.
ويُنظر إلى سد النهضة، الذي تجاوزت كلفته الإجمالية 5 مليارات دولار، كمحور رئيسي في استراتيجية إثيوبيا لتعزيز قدراتها على توليد الطاقة الكهربائية، لكن المشروع أثار أزمة دبلوماسية ممتدة منذ أكثر من عقد، وشهد جولات تفاوضية شاقة بوساطة أميركية وأفريقية وأوروبية، لم تُفضِ إلى حل جذري حتى الآن.
اللافت أن ترامب، خلال فترة رئاسته، أبدى انحيازًا واضحًا لموقف مصر، محذرًا في أكثر من مناسبة من احتمال تفجّر النزاع إذا ما استمرت إثيوبيا في خطواتها الأحادية. واليوم، وبعد سنوات من مغادرته البيت الأبيض، يعود لفتح هذا الملف الحساس، في مشهد يثير الريبة، ويطرح تساؤلات حول ما إذا كان يرمي إلى إعادة ترتيب أوراق السياسة الأميركية في إفريقيا، أو توجيه رسائل ضمنية للإدارة الحالية برئاسة جو بايدن.
سواء كانت هذه التصريحات انعكاسًا لموقف حقيقي أو مجرد محاولة للعودة إلى واجهة المشهد الدولي، فإن ما قاله ترامب يضع سد النهضة مجددًا في دائرة الضوء، ويُعيد التذكير بأن أزمة المياه في إفريقيا ليست مجرد شأن إقليمي، بل ملف تتقاطع فيه مصالح الجغرافيا والسياسة والاقتصاد على حد سواء.











