مقالات

إلى وزير الإعلام.. الاستقالة وحدها لا تكفي

النورس نيوز

إلى وزير الإعلام.. الاستقالة وحدها لا تكفي

بقلم: عبد الماجد عبد الحميد

في خواتيم الأسبوع الماضي قدّم لي الأستاذ محمد الفاتح، نائب رئيس الاتحاد العام للصحفيين، دعوة لحضور اجتماع مع رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس لمناقشة قضايا وهموم الصحفيين والإعلاميين. وسألني إن كنت أمانع في مقابلة رئيس الوزراء رغم موقفي الناقد له منذ توليه منصبه، فأوضحت أنني لا أحمل أي موقف شخصي تجاهه، وأن ما كتبته كان تعبيراً عن رأيي المهني، وأن النقد لا يمنعني من اللقاء به إذا كان الهدف مصلحة الصحافة والصحفيين.

 

 

 

 

وفي طريقنا إلى مكتب رئيس الوزراء سألت الأستاذ محمد الفاتح عما إذا تم إخطار وزير الإعلام خالد الإعيسر بموعد اللقاء، فأكد أنهم أخطروا الوزير قبل يومين وأنه على علم بالاجتماع، باعتبار أنه المظلة الرسمية التي تلتقي تحتها كل الأجسام الصحفية، رغم عدم امتلاكه سلطة مباشرة على الجهاز النقابي. وعند وصولنا شكرنا طاقم مكتب رئيس الوزراء على حُسن الاستقبال، وسألت أحد المقربين من الدكتور كامل إن كانت قد تمت دعوة وزير الإعلام فأجاب بالنفي.

 

 

 

 

وخلال نحو ساعتين ناقشنا أمام رئيس الوزراء عدداً من الملفات المهمة، منها قانون الصحافة والمطبوعات، وقانون المعلوماتية الذي يحتاج إلى حوار عميق، إضافة إلى التضييق والإجراءات القانونية التي يتعرض لها الصحفيون ومنع السفر، وكذلك الظروف الإنسانية القاسية التي يعيشها عدد من الإعلاميين. وفوجئت باستجابة رئيس الوزراء السريعة لمعالجة هذه القضايا وتوجيهه بحل مشكلات الصحفيين، وهو ما بدأ تنفيذه فور انتهاء اللقاء. كما تطرقنا إلى دعم صندوق كفالة ورعاية الإعلاميين لتغطية الحالات الطارئة، وإلى مراجعة مشروع إسكان الصحفيين الذي شهد سلبيات كثيرة ولم يستفد منه العاملون في المهنة كما كان متوقعاً.

 

 

 

 

ووافق رئيس الوزراء على تضمين خسائر المؤسسات الإعلامية الخاصة ضمن التعويضات التي تقدمها لجنة إعادة الإعمار، بينما كان هذا القطاع يشكل مصدر رزق لعدد كبير من الصحفيين قبل أن تتعرض الصحف والقنوات والإذاعات للتدمير الممنهج من قبل المليشيات المسلحة. كما وافق على مقترح توفير سكن ومقار عمل مؤقتة للصحفيين العائدين إلى الخرطوم.

 

 

 

 

وطرحنا أمامه ثلاث ملاحظات أساسية: الأولى ضرورة معالجة فوضى الأجسام الصحفية غير المقننة التي تتحرك بلا تصاديق رسمية بينما تستجيب الحكومة لأنشطتها. والثانية تتعلق بغياب إدارة الإعلام والعلاقات العامة بمجلس الوزراء، وهو غياب أدى إلى انحصار نشر أخبار الحكومة عبر منصة واحدة دون وجود الإدارة الرسمية التي كانت لسنوات نشطة وفاعلة. والثالثة تخص آلية اختيار الملحقيين الإعلاميين، حيث اقترحنا أن تترك هذه المهمة لوزارة الإعلام بالتنسيق مع إداراتها، مع اختيار بعض الوجوه الصحفية تقديراً لخدمتها الطويلة، وهو ما كان معمولاً به سابقاً.

 

 

 

وقبيل نهاية اللقاء تطرق الدكتور كامل إدريس لموضوع مراسلة قناة العربية بالسودان، لكن ضيق الوقت حال دون نقاشه بشكل كافٍ. ولو كنت أعلم أن رئيس الوزراء سيضع ثقله لإعادة القناة لمباشرة عملها، وسيتصل بنفسه بالصحفية لينا يعقوب لإبلاغها بذلك بعد قرار وزارة الإعلام، لقدمت له ما يلزم من النصيحة الصريحة قبل أن يُقدم على ما أراه تجاوزاً لمؤسسية الدولة وتجاوزاً لصلاحيات الوزير المختص.

 

 

 

إن ما فعله رئيس الوزراء –من وجهة نظري– مجاملة غير موفقة لقناة العربية ومديرة مكتبها، وجاء خصماً على هيبة وزير الإعلام واعتباراته المؤسسية. وما أرجوه من مكتب رئيس الوزراء هو الالتزام بالبروتوكول الرسمي، وتجنب القرارات أو الزيارات التي تتم دون إخطار مسبق للمسؤولين المختصين، فقد علمنا بتوتر وقع مؤخراً في إحدى مؤسسات بورتسودان بسبب زيارة مفاجئة لرئيس الوزراء دون علم مدير المؤسسة.

 

 

 

وبعد اللقاء توجهنا إلى مكتب وزير الإعلام خالد الإعيسر لنطلعه على ما دار، لكننا لم نجده. واليوم أبعث له خلاصة ما جرى، في وقت يغطي فيه غبار الاتصال المباشر بين رئيس الوزراء ومديرة مكتب العربية كل المشهد. وأقول لوزير الإعلام: لا تتقدم باستقالتك، فهؤلاء لا يستحقون تكريمهم بها. واصل عملك وسط هذه الفوضى الخلّاقة، فإني على يقين بأن الله سيبعث لهذه الأمة من يقودها إلى ما يليق بتضحيات الشعب السوداني الصابر على ضعف المسؤولين وقلة حيلتهم.

حسبنا الله ونعم الوكيل.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى