أخبار

قمة البحيرات العظمى.. تطور مفاجئ يعيد رسم المشهد الإقليمي

النورس نيوز

قمة البحيرات العظمى: تطور مفاجئ يعيد رسم المشهد الإقليمي.. تصنيف الدعم السريع

النورس نيوز _ في خطوة وُصفت بأنها من أهم المواقف الإقليمية الداعمة للسودان منذ اندلاع الحرب، اعتمدت القمة التاسعة لمنظمة الدول الأعضاء في مؤتمر البحيرات العظمى توصيات رسمية تقضي بتصنيف مليشيا الدعم السريع كمنظمة إرهابية، وسط دعوات واضحة لتحرك سياسي ودبلوماسي عاجل داخل الأطر الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن الدولي، لاتخاذ إجراءات رادعة تجاه الجرائم والانتهاكات الواسعة التي ارتكبتها المليشيا بحق المدنيين في السودان. وجاءت مشاركة السودان على مستوى عالٍ، حيث ترأس الوفد عضو مجلس السيادة الانتقالي ومساعد القائد العام للقوات المسلحة الفريق مهندس إبراهيم جابر إبراهيم، يرافقه مسؤولون حكوميون وقادة الأجهزة الأمنية، وذلك في إطار سعي الخرطوم لحشد دعم إقليمي ودولي لوقف الانتهاكات ومعالجة تداعيات الحرب التي فجّرتها مليشيا الدعم السريع.

البيان الختامي للقمة حمل لهجة غير مسبوقة تجاه تحركات المليشيا، حيث تطرق إلى حزمة واسعة من قضايا الأمن والدفاع داخل الإقليم، وقضايا المرأة والطفل والتنمية الاجتماعية، قبل أن يخصص مساحة رئيسية لمسألة استغلال المعادن النفيسة في تمويل الجماعات المسلحة، وهو البند الذي سلط الضوء مباشرة على الذهب السوداني الذي استغلته مليشيا الدعم السريع في تمويل عملياتها القتالية وجرائمها الموثقة. وأكدت القمة ضرورة وضع أنظمة رقابية صارمة تحول دون وقوع هذه الموارد في يد مجموعات مسلحة تهدد أمن واستقرار المنطقة.

 

 

 

 

وأوضح وكيل وزارة الخارجية السفير معاوية عثمان خالد أن القمة لم تكتفِ بتمرير التوصيات، بل اعتمدتها بشكل كامل استنادًا لتقارير المجلس الوزاري ووزراء الدفاع ورؤساء الأجهزة الأمنية في دول الإقليم، وهي جهات اعتبرت بالإجماع أن النشاط العسكري والأمني للدعم السريع تجاوز كونه “حركة تمرد” ليصبح “تهديدًا مباشرًا للسلم الإقليمي”، ما يستوجب تصنيف المليشيا كمنظمة إرهابية. ووفقًا لخالد، فقد وجّهت القمة السكرتارية التنفيذية للمنظمة بحشد الدعم داخل الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لإدانة الفظائع التي ارتكبتها المليشيا بحق المدنيين، مع التشديد على ضرورة ملاحقة قادتها ومحاسبة كل من تورط في تزويدها بالسلاح والتمويل والدعم اللوجستي.

ولم تكتفِ القمة بتبنّي هذه التوصية، بل أدرجت في بيانها الختامي نصوصًا إضافية تتعلق بالسودان على نحو مباشر، حيث دانت “الفظائع المروعة” التي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع في عدد من المدن السودانية، بما في ذلك الاعتداء الأخير على مدينة الفاشر الذي وُصف بأنه واحد من أسوأ الهجمات التي شهدتها البلاد منذ اندلاع الحرب. كما أخذت القمة علماً بتوصيات آلية التحقق الموسعة ومركز الاستخبارات المشتركة، وهما جهتان رفعتا تقارير مفصلة حول الجرائم والانتهاكات، وطالبتا بتصنيف المليشيا جماعة إرهابية. وبناء على ذلك، كلفت القمة سكرتارية المنظمة بالتواصل المباشر مع مجلس السلم والأمن الأفريقي ومجلس الأمن الدولي لبحث إجراءات عملية يمكن اتخاذها خلال الفترة المقبلة، مع تقديم تقرير تقدم رسمي خلال القمة القادمة.

 

 

 

ودعت القمة الدول الأعضاء إلى تحرك سياسي ودبلوماسي سريع لمعالجة الصراع في السودان، إلى جانب تعزيز تبادل المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بالنشاط العدائي للمليشيا داخل حدود الإقليم، وهو ما يعكس حجم القلق الإقليمي المتزايد من تمدد خطر المليشيا خارج السودان، لا سيما بعد ثبوت تورطها في شبكات تهريب الأسلحة والذهب والمرتزقة، وارتباطها بجهات خارجية توفر لها مظلات تمويل ودعم.

وخلال الجلسة المغلقة للقمة، قدم الفريق إبراهيم جابر خطاب السودان الذي حمل وصفًا دقيقًا لطبيعة الصراع وجذوره، إضافة إلى استعراض شامل للانتهاكات الواسعة التي طالت المدنيين والبنية التحتية ومنظومات الخدمات الأساسية، مؤكداً أن المليشيا تعتمد إستراتيجية ممنهجة في استهداف المدن، ونهب الموارد، وتمزيق النسيج الاجتماعي. وتضمن الخطاب تفاصيل حول الاعتداء الأخير على مدينة الفاشر، وما رافقه من جرائم قتل ونهب وحرق للممتلكات، وهي أحداث أثارت موجة تنديد واسع داخل السودان وخارجه.

 

 

 

 

وأعرب الفريق جابر في خطابه عن تقدير السودان للجهود الإقليمية ومواقف دول البحيرات العظمى التي قال إنها “تعكس فهمًا عميقًا لطبيعة المخططات التي تستهدف السودان ومقدراته”. كما رحّب بالخطوات العملية التي خرجت بها القمة باعتبارها تمثل دعمًا مباشرًا لمساعي السودان الرامية إلى تعزيز الأمن والاستقرار ومنع التدخلات الخارجية الساعية لتأجيج الصراع.

قمة البحيرات العظمى

وجدد عضو مجلس السيادة تأكيد موقف السودان الداعي إلى ضرورة تضافر الجهود وتنسيق المواقف الجماعية لمواجهة التدخلات الخارجية في شؤون الدول الأعضاء، مشيرًا إلى أن حماية الإقليم واستقراره تتطلب موقفًا موحدًا يقوم على التعاون الأمني والسياسي والاقتصادي، وعلى محاسبة أي جماعات مسلحة تنتهك سيادة الدول أو تهدد سلامة المدنيين. وشدد على أن السودان ماضٍ في الدفاع عن شعبه واستعادة مؤسسات الدولة، مشيرًا إلى أن الدعم الإقليمي والدولي يمثل ركيزة أساسية لتحقيق السلام المستدام داخل البلاد.

 

 

 

 

وتأتي مخرجات قمة البحيرات العظمى في وقت يواصل فيه السودان مساعيه الدبلوماسية لحشد مواقف دولية وإقليمية ضد الدعم السريع، وعلى خلفية تزايد التقارير الحقوقية التي وثقت جرائم قتل واغتصاب ونهب واسع ارتكبته المليشيا في ولايات دارفور والخرطوم والجزيرة. ويرى مراقبون أن تبنّي القمة لتوصية تصنيف المليشيا منظمة إرهابية يشكل منعطفًا مهمًا من شأنه فتح الباب أمام عقوبات دولية أشمل، وتقييد حركة التمويل والدعم الخارجي الذي تعتمد عليه المليشيا في استمرار عملياتها العسكرية، إضافة إلى إضعاف قدرتها على استغلال الموارد الطبيعية وفي مقدمتها الذهب.

 

 

 

 

وتؤكد مصادر دبلوماسية أن هذا الموقف الإقليمي الصريح قد يشكل بداية لتحرك دولي أوسع، خاصة في ظل تصاعد القلق من أن تشكل المليشيا تهديدًا عابرًا للحدود. كما تشير التحليلات إلى أن السودان سيعمل خلال الفترة المقبلة عبر قنواته الدبلوماسية لتفعيل هذه التوصيات وتحويلها إلى خطوات عملية داخل المنظمات الدولية.

وبهذا، تفتح توصيات القمة الباب أمام مرحلة جديدة من الضغط الإقليمي والدولي على مليشيا الدعم السريع، في وقت يعوّل فيه السودانيون على مواقف حاسمة توقف نزيف العنف وتعيد البلاد إلى مسارها الطبيعي نحو السلام والاستقرار.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى