مأساة في الفاشر
الفاشر – النورس نيوز
في مشهد إنساني يفطر القلوب، أعلنت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر بولاية شمال دارفور عن وفاة 239 طفلًا بسبب الجوع خلال الأسابيع الماضية، نتيجة الحصار الخانق الذي تفرضه مليشيا الدعم السريع على المدينة منذ أشهر، في واحدة من أكثر الكوارث الإنسانية قسوة منذ اندلاع الحرب في السودان.
وقالت اللجان في بيان مؤلم عبر صفحتها الرسمية إن الأوضاع الإنسانية بلغت حدًّا لا يُطاق، مع نفاد الغذاء والدواء والوقود، وانقطاع تام للمساعدات الإنسانية، فيما يعيش عشرات الآلاف من المدنيين على حافة المجاعة.
ونشرت اللجان صورة مأساوية لأم تجلس أمام جثمان طفلتها هاجر إسحاق التي فارقت الحياة أثناء محاولتها النزوح من المدينة، وعلّقت على الصورة بعبارة موجعة: “اسألوا أهل الفاشر كيف ذاقوا وجربوا وجع الصمت.”
وأكدت التنسيقية أن المستشفيات العاملة في المدينة أصبحت شبه متوقفة، بعد نفاد الأدوية وانقطاع الكهرباء والوقود اللازم لتشغيل المولدات، ما أدى إلى وفاة عدد من المرضى داخل غرف العناية المركزة. وأضافت أن أعداد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد في تزايد مستمر، في ظل غياب أي استجابة دولية فعالة.
وتشهد مدينة الفاشر منذ أكثر من عام حصارًا محكمًا من قبل قوات الدعم السريع التي تسيطر على الطرق المؤدية إليها، مانعة دخول المساعدات الغذائية والطبية، في وقت تتعاظم فيه المخاوف من حدوث مجاعة شاملة تهدد حياة عشرات الآلاف من الأسر.
من جهتها، دعت منظمات إنسانية محلية ودولية إلى فتح ممرات آمنة لإيصال الإغاثة العاجلة إلى المدنيين، محذّرة من أن الأوضاع الحالية قد تتحول إلى “كارثة تفوق ما شهده السودان في تاريخه الحديث” إذا لم تُتخذ خطوات عاجلة لإنقاذ السكان.
وتزامنت هذه التطورات مع تصاعد الدعوات من داخل المدينة وخارجها للضغط على الأطراف المتحاربة للسماح بدخول المساعدات، خصوصًا بعد التقارير التي تحدثت عن قيام بعض الأسر بطهي أوراق الأشجار للبقاء على قيد الحياة.
ويصف ناشطون الوضع في الفاشر بأنه “مأساة القرن”، مؤكدين أن استمرار الصمت الدولي أمام هذه الجرائم يرقى إلى التواطؤ الإنساني. كما دعا ناشطون في الداخل والخارج إلى حملة تضامن عالمية تحت شعار #أنقذوا_أطفال_الفاشر للفت أنظار العالم إلى ما يجري في المدينة المنكوبة.
وتبقى الفاشر، المدينة التاريخية التي كانت يومًا مركزًا تجاريًا نابضًا بالحياة، اليوم شاهدة على وجع السودان ومعاناة أطفاله الذين يُقتلون جوعًا في صمت، وسط نداءات لا تجد آذانًا صاغية.











