تحليل دولي جديد: السودان يدخل مرحلة “الاقتصاد بلا عملة” بعد الانهيار الكامل للجنيه
النورس نيوز
تحليل دولي جديد: السودان يدخل مرحلة “الاقتصاد بلا عملة” بعد الانهيار الكامل للجنيه
النورس نيوز – تقارير اقتصادية
في تطور مقلق يعكس عمق الأزمة النقدية التي يعيشها السودان منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، كشف تقرير صادر عن مركز الدراسات النقدية بجامعة زيورخ أن البلاد أصبحت من بين الحالات النادرة عالميًا التي انتقلت فعليًا إلى ما يُعرف بـ “الاقتصاد ما بعد العملة”، وهي مرحلة تفقد فيها العملة الوطنية وظيفتها الأساسية كوسيلة تبادل وتسعير وادخار، لتتحول إلى مجرد رمز سياسي لا قيمة اقتصادية له.
انهيار الجنيه وتحول السوق الموازي إلى سلطة نقدية
أوضح التقرير أن الجنيه السوداني فقد أكثر من 560% من قيمته خلال عامين ونصف فقط، إذ ارتفع سعر الدولار من نحو 560 جنيهًا قبل الحرب إلى ما يفوق 3,700 جنيه في السوق الموازي بعدة مدن، ما جعل المواطنين والتجار يتخلون عن التعامل به حتى في أبسط المعاملات اليومية.
وأشار التقرير إلى أن السوق الموازي أصبح الجهة الفعلية لتحديد الأسعار والسيولة، حيث يتم تسعير أكثر من 65% من السلع والخدمات بالدولار أو الريال السعودي، بما في ذلك المواد الغذائية والوقود والإيجارات.
فقدان الجنيه لوظائفه الأساسية
بحسب الدراسة، فقد الجنيه السوداني وظائفه الثلاث الأساسية:
- لم يعد يُستخدم كوسيلة تبادل.
- لم يعد وحدة موثوقة لقياس القيمة.
- لم يعد أداة للادخار أو حفظ الثروة.
ووصف التقرير الحالة السودانية بأنها انهيار نقدي وظيفي مشابه لما شهدته دول مثل زيمبابوي وفنزويلا، حيث تصبح العملة المحلية مجرد وسيط مؤقت قبل أن تُستبدل بأي عملة أجنبية متاحة.
مقترحات لإعادة تأسيس النظام النقدي
وأوصى مركز زيورخ في ختام تحليله بضرورة تنفيذ إصلاح نقدي شامل يشمل:
- إصدار عملة جديدة مدعومة بأصول حقيقية مثل الذهب أو الأراضي الزراعية.
- إنشاء هيئة نقدية مستقلة بعيدًا عن التأثير السياسي.
- ربط العملة الجديدة بسلة من العملات الدولية لضمان الاستقرار.
- إطلاق برامج تثقيف مالي واسعة لإعادة بناء الثقة بين المواطن والنظام المصرفي.
أزمة نقدية أم انهيار وجودي؟
يؤكد الخبراء أن ما يحدث في السودان لم يعد مجرد “أزمة سعر صرف”، بل هو أزمة وجود نقدي تهدد بنشوء اقتصاد موازٍ بالكامل يعتمد على العملات الأجنبية في كل جوانب الحياة، بينما يتحول الجنيه إلى مجرد رقم بلا سلطة تنظيمية أو قيمة حقيقية.
ويحذر التقرير من أن استمرار الحرب والانقسام السياسي قد يقود البلاد إلى نظام اقتصادي ثنائي، حيث تُدار الحياة اليومية بالدولار والريال، وتبقى العملة الوطنية على الهامش كتاريخ اقتصادي انتهى دون إعلان رسمي.











