بالصور.. تفاصيل مُثيرة.. سيدة سودانية تلتقي لأول مرة بشقيقيها بعد 70 عاماً

كبوشية-الرياض: عماد أحمد الحوتابي
(الحي يلاقي ) : دموع الفرح تملأ :
كبوشية والغبش وكلي والخرطوم والأبيض والفولة وكادوقلي وزالنجي وكسلا والقضارف وبورسودان ومكلي والسعودية وبريطانيا .
وقد يجمع الله الشتيتين بعدما يظنان كل الظن أن لا تلاقيا ..
الحاجة/ فتحيه صديق علي بشير تلتقي لأول مرة بشقيقيها بعد ما يقرب من 70 عاما .
تلك هي قصة ابن الخالة: صديق علي بشير .
في يوم الجمعة 11جمادى الآخرة 1443هـ ـ الموافق 14 يناير 2022م الساعة السادسة وعشرون دقيقة مساءً، نشرت إحدى الأخوات باسم (ريم أمير المؤمنين) في صفحة ( كبوشية في قلوبنا ) على الفيس منشورا نصه كما يلي :
(السلام عليكم/ انا ريم بسأل من اهل جدي في كبوشيه اسمو ( الصديق مصطفى علي) كان في الجيش واستقر في الأبيض تزوج حبوبة أمي من البقارة المسيرية).
وبعد نشر هذه الرسالة جاءها الرد في الخاص من الأخت صفاء بله محمود الخير تاي الله، من قرية الغبش غرب كبوشية وتقيم في مدينة ود المدني؛ بأن هذا الاسم مطابق لزوج عمتها ( آمنة محمود الخير تاي الله )، ثم أردفت الأخت صفاء بنشر رسالة في القروب المذكور بأن هذا الشخص هو صديق علي بشير، وأن أسرته في كبوشية ـ حلة المطراب شمالي سوق كبوشية، وذكرت أسماء إخوانه وأخواته من أبيه الموجدين بكبوشية والخرطوم.
وما أن تسامعت هذه الأسرة الممتدة داخل وخارج السودان بهذا الخبر ؛ إلا وتسارع الجميع للاتصال بأهليهم وأقاربهم في كبوشية والغبش و الخرطوم كسلا والقضارف وبورتسودان والرياض ، وكانت دموع الفرح تغمر الوجوه استبشارا وسرورا بهذا النبأ العظيم بعد هذه المدة الطويلة.
وعلى الفور قرر شقيقيها (عوض ومبارك ) شد الرحال من قرية الغبش غرب كبوشية؛ إلى عروس الرمال الأبيض لملاقاة أختهم، التي طال شوقها وسالت دموعها لهذا اليوم المرتقب، وكانت كما حدثتني تدعو الله بضراعة وبكاء أن يجمعها الله مع إخواتها ؛ فاستجاب الله دعاءها (أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ).
وفي يوم الخميس ليلة الجمعة 24 جمادى الآخرة الموافق 27/يناير/2022م تلألأت سماء مدينة الأبيض فرحا وعمت دموع الفرح كل مكان عندما تعانق الأشقاء، واشتبكت دموعهم في خدودهم، وكان قد سبقهم إلى مدينة الأبيض أبناء وبنات وأحفاد الحاجة فتحية الذين يقيمون في كل من كادوقلي والفولة وغيرها ليشهدوا هذا اللقاء المهيب.
، فما هي تفاصيل قصة ابن الخالة (صديق علي بشير ـ رحمه الله) ؟
ولد المرحوم صديق في كبوشية ـ حلة المطراب عام 1905م تقريبا ، والدته خالتنا لزم / فاطمة مصطفى أحمد مطر ، و في سن الخامسة تقريباً توفيت والدته ـ رحمها الله ـ وتولى جده لأمه مصطفى أحمد مطر تربيته ورعايته هو وشقيقته الوحيدة : آمنة علي بشير والملقبة( بعنز الليد) حتى صار يدعى ( بصديق ود مصطفى ).
سافر صديق علي بشير من كبوشية باكرا في ريعان صباه والتحق بالجيش وسافر وطاف معظم أنحاء السودان ، وسافر إلى تشاد وليبيا ، وشاء الله تعالى أن يتزوج الأخ صديق بزينب محمد حسن الأحيمر من بادية شمال كردفان ، من قبيلة المسيرية ، وجدتها لأمها من منطقة المتمة غرب مدينة شندي و اسمها : طيبة أحمد عبد الله، وكان هذا الحدث خلال الحرب العالمية الثانية التي وضعت أوزارها عام 1945م.
ويبدو ـ والله أعلم ـ أن الأخ صديق قد شارك في بعض جبهات هذه الحرب في كرن أو في ليبيا أو فيهما معا .
وقدر الله تعالى أن يهبه بنتا من زوجته : زينب محمد حسن الأحيمر ، سماها : (فتحيه) ، ثم سافر وانقطعت أخباره عنهم بعد سنتين تقريبا من ولادة ابنته(فتحية).
ترعرعت ونشأت (فتحية) في كنف والدتها زينب محمد حسن الأحيمر ، وهي في سن 15 عاما (1960م ) تزوجها : موسى أبكر مطر ـ من قبيلة الداجو بدارفور، وعاشت معه في كل من كأس وزالنجي ، وكان ثمرة هذه الزيجة المباركة إن شاء الله ـ سبعة أبناء وثلاث بنات ـ حفظهم الله وبارك فيهم وفي ذرياتهم إلى يوم القيامة.
جاهدت هذه المرأة العصامية (فتحية) مع زوجها في تربية هؤلاء الأبناء والبنات ، وبعد وفاة زوجها ـ رحمه الله ـ عادت إلى مدينة الأبيض ، وواصلت مشوار الجهاد والكفاح والعملي اليدوي الشاق لتربية وتعليم أولادها ، وقد حقق الله لها ما أرادات فكانوا نعم الأبناء والبنات ؛ أكبرهم أبكر موسى مطر ومعلم مربي للأجيال ومسؤول في التعليم بمدينة الأبيض، وصديق موظف بالأمم المتحدة وعدد من المنظمات الدولية، ودكتور عوض الله مطر استشاري جراحة عامة ورئيس قسم جراحة المناظير بمستشفى سليمان الحبيب فرع السويدي بالرياض ـ المملكة العربية السعودية ، ومحمد عمل بالقوات المسلحة ثم بالأعمال التجارية، والدكتور صالح مطر محاضر بجامعة كردفان بالأبيض ، والنقيب هاشم مطر بالقوات المسلحة، والطبيب النفسي مصطفى مطر محاضر بعدد من الجامعات في السودان والآن يعمل بمستشفى الأمل بالرياض ـ المملكة العربية السعودية.
أما البنات : فأكبرهن أم سلمة مطر ثم سهام وأصغرهن زينب فكلهن متزوجات ولهن ذريات ولله الحمد، وفي تطوافه في أنحاء السودان المختلفة استقر به المقام في مدينة مكلي قرب مدينة كسلا ، وتزوج فيها من خديجه أحمد الإمام ، التي أصلها من منطقة الزيداب ؛ إلا أنه لم يزرق منها بذرية، وكان لها بنتان من زوجين سابقين ؛ تولى تربيتهما حتى كبرتا وتزوجتا من بيته رحمه الله ، والبنتان هما : (سعاد الطيب أحمد البشير)، وتزوجها إمام العوض أحمد الإمام ، قائد حامية كسلا وقتها، وقد توفيت سعاد وتوفي زوجها رحمهما الله، ولهما عدد من البنين والبنات في مدينة كسلا، والبنت الأخرى هي (الروضه عبد الله أبو القاسم ) ، وتزوجها سليمان هارون عمر عبد الله ، وهما على قيد الحياة ـ أطال الله عمرهما على طاعته ـ ويسكنان مدينة كسلا غرب القاش قرب سوق غرب القاش ، ولهما عدد من البنين والبنات ؛ بارك الله فيهم وفي ذرياتهم.
و تزوج ابن الخالة صديق أيضا في مدينة كسلا بأم كلثوم محمد عثمان ـ شايقية من منطقة القرير ـ وانجب منها ابنا واحدا : اسماه : (محجوب الصادق ) ، وتزوج محجوب من الجعليين العمراب بكسلا بنائله محمد حسن الأمين ، وله منها ولدان وبنتان هم (الصادق ـ عوض ـ غاده ـ داليا ) ، توفي محجوب وابنته غاده ـ رحمهما الله ـ ولهم ذرية في كسلا بحي المرغنية.
كما تزوج أيضا ـ رحمه الله ـ عوضية محمد محمود بمدينة القضارف ـ ديم النور، وله منها ابن واحد هو (محمد الصادق ) ، وله أربعة من الأبناء وأربع من البنات حفظهم الله وبارك فيهم.
أما زوجته الأخيرة : آمنة بله الخير تاي الله ـ رحمها الله ـ تزوجها بعد عودته لبلده ومسقط رأسه ، هي من العوضية بالغبش غرب كبوشية ، ووالدتها : ستنا بت العجب ـ عمة أولاد محمد العجب وعثمان العجب بكبوشية والحماداب ، وله منها : عوض ومبارك ، وهما بقرية الغبش ولهما عدد من البنين والبنات.
ولصديق عدد من الأخوة والأخوات من أبيه هم : عبد الله ـ بشير ـ عبد العزيز ـ عثمان ـ محمد ( الزعيم ) ـ يوسف ـ بت المنا ( الكبوره ) ـ النعمه ـ سيده ـ النيل ـ عائشة.
وله من الخالات (بنات مصطفى ود أحمد مطر) من زوجته الثانية ( بت الدود ) فاطمة أحمد خالد ، وهن : بخيته وكتيره ( أم الحسن ) ووالدتنا علويه ؛ رحم الله من رحل منهم إلى الآخرة ، وبارك في الأحياء .
وبعد رحلة طويلة في مختلف أنحاء السودان وخارجه ، وضع عصا الترحال واستقر في مدينة الخرطوم في بيت عزابة كبوشية ( الأوضه ) جوار سبق الخيل قرب السوق الشعبي حاليا ، مع عدد من أهله من كبوشية ؛ منهم : أولاد الشريف السر وحسن وفاروق ، وأولاد محمد بله : بابكر والزين وهاشم ومحمد محمود ومصطفى حسن الحوتابي وأخيه محمد علي بشير والدكتور باكر بخيت العوض وكان وقتها طالبا بجامعة الخرطوم ، وآخرون مما لا أذكرهم الآن.
عمل المرحوم صديق علي بشير خلال مشوار حياته الطويل بالجيش لفترة طويلة ، ثم عمل بالجزارة في كل من مكلي وكسلا ـ وهي مهنة غالب أجداده وأخواله المطراب ـ وعمل أيضا في مدينة خشم القربة ، كما عمل بمحالج القطن في الحصاحيصا وأخيرا سائقا في المواصلات ثم مندوبا لإحدى الشركات التجارية بالمنطقة الصناعية بالخرطوم جنوب .
كان ـ رحمه الله ـ كما وصفه الذين عاصروه وعاشوا معه ـ مربوعا أسمر البشرة مربع الوجه ، تام البنية ، مهتما بهندامه ، بشوشا مبتسما ، مثقفا و قاصا من الدرجة الأولى ، ويقرض الشعر ؛ كما كانت والدته فاطمه كذلك وشقيقته آمنة ، وقد وورثت بنته فتحيه منه هذه الميزة ـ كما أخبرني بذلك ابنها الدكتور عوض الله مطر ـ وأسمعني شيئا من قصائدها.
في نهاية عمره المديد داهمه المرض ، وكان يراجع طبيبا في مدينة شندي لعلاجه ، وفي آخر مراجعة له طلب منه الطيب أن يراجعه غدا لتكملة العلاج ؛ فهذب إلى منزل عثمان يوسف صهر التجاني يوسف الجنزوري بالثورة بمدينة شندي ، وفي تلك الليلة اشتد عليه المرض مما اضطرهم لنقله إلى المستشفى ليلا ، وفي صبيحة تلك الليلة أخبر ابن خاله : هاشم محمد بله الذي كان يعمل بمدينة شندي ، فزاره في المستشفى وظل ملازما له بالمستشفى ، ويروي الأخ هاشم أنه في تلك الليلة في المستشفى تعب تعبا شديدا ، وعند مرور الطبيب المختص صباحا أخبره بتعبه بالليل ، ويذكر أن الطبيب كان ملازما له حتى فاضت روحه إلى ربها في ذلك الصباح ، وتم نقل الجثمان بعربة عبد الشكور إلى مسقط رأسه كبوشية يرافقه عثمان يوسف وهاشم محمد بله ، حيث كان والده على بشير دياب على قيد الحياة ؛ الذي تولى تجهيزه ، ووري الثرى بمقبرة الشريف ود أب راكوبه بكبوشية في شهر ربيع الأول عام 1394هـ الموافق لشهر أبريل عام 1974هـ عن عمره يقارب السبعين سنة.
وبعد مواراته الثرى بمقبرة كبوشية انتقل الأهل لقرية الغبش بغرب النيل حيث تقيم زوجته آمنة محمود الخير واولاها عوض ومبارك وأهلهم لتقديم واجب العزاء في فقيدهم.
ألا رحم الله ابن الخاله صديق علي بشير رحمة واسعة وجعل مقامه في عليين وجميع أمواتنا وأموات المسلمين أجمعين ،وبارك في ذريته وفي ذرياتنا أجمعين إلى يوم الدين . والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلي آله وصحبه أجمعين.