علي بلدو يقدم قراءة نفسية لتصريحات الرئيس المعزول بشأن تسليمه للجنائية
ردود فعل واسعة اعقبت حديث الرئيس المعزول عمر حسن أحمد البشير، يوم الثلاثاء، بمحكمة مدبري انقلاب 30 يونيو 1989 حيث رفض تسليمه لقضاة المحكمة الجنائية الدولية، وقال إنه يفضل أن يحاكمه أسوأ قاضي “قحاتي” من “خواجي”.
ولقراءة هذا التصريح من زاوية نفسية، تواصلنا في (النورس نيوز) مع استشاري الطب النفسي والعصبي، وأستاذ الصحة النفسية بالجامعات السودانية، بروفيسور علي بلدو وخرجنا بهذه الحصيلة.
حوار : آية إبراهيم
في أي إطار تضع حديث البشير الأخير بشأن المحكمة الجنائية؟
حديثه بمثابة ثورة نفسية عارمة قد تؤدي إلى خلط الأوراق وتغيير المشهد السياسي والواقع الإجتماعي وقد تكون سبب في اعادته للسلطة مرة أخرى من واقع هذا الدفق النفسي والثورة النفسية التي عبر عنها في حديثه.
قال إنه يفضل أن يحاكمه أسوأ قاضي قحاتي من خواجي؟
هو عبر عن الشخصية المصادمة والقوية عن روح عدم الايمان بالقضاء الخارجي وتعزيز الدور الوطني باعتبار أن ابن البلد مهما كان سيئا فهو أفضل من الخواجة.
وما الذي يمكن أن يؤدي إليه هذا الحديث؟
قد يكسبه شعبية عارمة لدى المواطنين البسطاء، ويبدو في صورة البطل الوطني الذي رفض الغريب وآمن بابن البلد، وهذا يمثل جسر للتواصل مع الأغلبية الصامدة، وباب للود مع الشخصية السودانية البسيطة التي ترى في الغريب شراً مستطيراً، كما تعبر عن حالة من حالات التطابق مع العقل الباطن والعقل الجمعي للبشير من واقع التربية والخلفية العسكرية له يتم اعتبار التعامل مع الأجنبي فقط بمثابة خيانة عظمى تقتضي الإعدام.
ثم ماذا؟
الخلفية العسكرية ستساعد في تهيئة المنظومة العسكرية لعدم القبول بالأمر وتمثل نوبة لايقاظ الشعور العسكري ورفض التعامل مع الأجانب والتخابر معهم وتمثل ناحية نفسية هامة من واقع أن معظم أفراد القوات المسلحه لديهم نفور طبيعي من الأمر. وبالتالي فإن مثل هذه التصريحات تشكل دغدغة لهذه المشاعر النفسية واستدرار لجوانب التطابق العقلي مع العقيدة العسكرية وقد تكون سبب في تعطيل الأمر برمته.
الا يمكن أن نضع حديثه في إطار الخوف كذلك؟
نعم، يمثل ذلك حالة من حالات الخوف والقلق والتوتر من الذهاب خارج حدود الوطن والبقاء في أيدي جهات أجنبية حيث أن البشير يشعر الآن بالأمان النفسي وهو محاط بأفراد أسرته ومرؤوسيه السابقين وجنوده ولجنته الأمنية السابقه ما يعني روح الشعور بالأمان والثبات والاستقرار النفسي والتوزان الداخلي والشعور بالقدرة على التأثير على من هم الآن في السلطة الحقيقية وليست السلطة الصورية.
اذن هو يطلب العطف بنوع أو آخر؟
الذهاب خارج أسوار الوطن سيؤدي إلى ذهاب كل ذلك وهذا يكون بمثابة استدرار العطف وطلبا للمساعدة وحديثه يعبر أيضاً عن روح التوأمة مع رفقاء السلاح بالأمس ودغدغة لشعور القبيلة والاثنية والخلفية الإجتماعية والظهور بمظهر المواطن البسيط المغلوب على أمره، وهذا يمثل حيلة نفسية بالغة الذكاء وتعبر عن خبرة وادراك لواقع الشخصية السودانية والمجتمع السوداني الذي تحكمه كثير من التعقيدات والتقاليد والأعراف والممارسات الإجتماعية التي تكون أيضا سبب في الشعور بالدفق النفسي والقدرة على التأثير على الحشود والجموع من على البعد.
وماذا بشأن قوله اسواء قاضي “قحاتي“؟
وصف من يقومون بالمحاكمة بأنهم سيئين أو أنه يقبل بالمحاكمة كما السيئة فيه نوع من انواع القدرة النفسية على الشعور بروح التحدي وبث نوع من أنواع الرهبة النفسية لدى الخصوم وفتح أبواب للحوار والنقاش بصورة مستترة تعبر عن النفسية الثائرة حاليًا والتي بها الكثير من الشعور في الخروج من حالة التوتر والاكتئاب التي يعيشها أفراد النظام السابق والبشير على وجه الخصوص في ظل ظروف السجن.
وهل يمكن أن يؤثر حديثه على المنظومة العدلية؟
يؤدي لخلق نوع من أنواع التاثير على المنظومة العدلية باعتبار أن القضاء السوداني هو الأفضل وبالتالي كسب أرضية وكسب مجموعة جديدة من المهنيين والقضاء والعاملين في المنظومة العدلية وهذا يمثل تناغم مع الشخصية السودانية المعتدة برأيها التي ترى في الغريب أنه شخص غير مناسب وبها عدد كبير من صفات الكبرياء والانفه والعزة والقدرة على المقاومة بصورة دائمة وروح التحدي والحماسه السودانية في القرى والأرياف.
اذن حديث البشير الأخير يحمل الكثير من الرسائل؟
ما صدر من البشير يمثل مرآة نفسية للواقع السوداني وثورة نفسية جامحة قد تؤدي لعواقب وخيمة ويكون لها ما بعدها.