تستوقفي دائماً ريشة ذلك الرسام و الفنان المبدع الذي يجسد برسمه ما يحمله من فكرة متفردة حيث تحمل في طياتها التنوع ، فحينما يتم تنفيذها على أرض الواقع فأنها تختلف في تفاصيلها من لوحة إلى أخرى ، بما يصنعه فيها هذا الرجل من تداخل للألوان التى لا تختلط عنده ، فتتميز جميع لوحاته بجمالها الذي يوصف دقتها ، فنجدها تضج بالحياة ، و التي تتحرك التفاصيل بداخلها بديناميكية منتظمة وتراتبية منضبطة ، يعرفها هو كفنان محترف و هي تعرفه بريشته التي يجتهد في رسمها ما إستطاع ليجودها و يفاجئ بها محبي فنه بألق المنتج و جمال المشهد ، حيث يضبطها بخبرة تفوق تصور جمهور المشاهدين ليجبرهم على الخروج من الروتين الذي يعرفون به أبجديات هذا الفن الجميل الذي يحمل الجمال على ريش الرسامين ، فيجبر الجميع إلى دخول متحفه بحب شديد ، و ذلك لأنه برع في تجسيد صور الخير و طرق صناعته ، لانه يرسم لوحاته من واقع ما ورثه من قيم إسلامية نبيلة نشأ في كنفها وترعرع فيها و تعود عليها .
إن هذا الرسام الجميل و المبدع الذي كان يرسم أروع آيات الجمال في كل لوحة من لوحات الخير التي يرسمها عبر أهازيج حديثه في كل منبر من المنابر التي كان يدشن فيها أعمال الخير و التي كان يؤمها لينثر فيها بطيب كلامه درراً من الأقوال التي تصاحبها الأفعال ، فكان بارعاً لا يتكرر بين المنبر و الآخر ، ففي كل منبر كان متحدثاً يجيد فنون الكلام و يإتي بحديث لم يسبقه ما قبله في المنابر ، إنه هو سفير الإنسانية و عميد السفراء العرب سعادة على بن حسن جعفر سفير خادم الحرمين الشرفين بالخرطوم وجوبا ، حيث لم يفرط في راية لواء الخير التي كان يحملها منذ قدومه إلى السودان و ما زال ، و التي قدمت إليه على صهوة جواد الخير الذي أتى من بلاد الخير ، و هي تحمل معها كل معاني الإنسانية الخالصة لتؤكد بذلك أزلية العلاقات الممتدة بين البلدين علي مختلف الأصعدة ، فعبر هذا الرجل الإنسان كان ذلك و على يده ثم تدشين عدة مخيمات منها ما تحارب العمى بشراكة ذكية مع مركز الملك سلمان للأعمال الإنسانية و منظمة البصر الخيرية العالمية ، ثم تلتها بعد ذلك عدة مخيمات لعمليات القلب في عدة مدن سودانية ، و لكن في هذه المرة لقد كان الأمر مختلفاً قليلاً لأنه أتى بمعية أميز أفراد الجيش الابيض السعودي الذين قدموا من أجل رسم البسمة على وجوه المرضي الذين يعانون من فلج الشفة و الحنك المكسور و الشفة المشقوقة (الشفة الأرنبية) و جميع الأنواع المتعددة للتشوه الخلقي الناجم عن النمو غير الطبيعي الذي يمكن أن يأتي في وجوه الأطفال أثناء فترة الحمل بدون مسببات تذكر ، و بتدشين هذا المخيم الذي يبحث في تفاصيل جمال الوجه بتصحيح العيوب الخلقية سيدخلنا هذا الامر في منطقة مشاهدة من نوع جديد من لوحات الجمال التي ستنقلنا نقلة نوعية لنتفحص بها ذلك الخير الذي أتى من بلاد الخير ليرسم الجمال في وجوه السودانيين .
قبل اليوم و في سابق الأيام كانت تمخر بنا سياراتنا من أمام مبني مستشفى الأسنان التعليمي بالخرطوم و كنا لا نلقي بالاً لحجم تلك المعناة التي يعاني منها المرضى الذين شُخصت حالاتهم على حسب الأضرار الناتجة عن الصدمات أو التي اتت نتيجة الأمراض أو كانت عبارة عن عيوب خلقية ، و التي يتطلب علاجها تدخلاً جراحياً من قبل جراحي الفك و الأسنان لتصحيح عدم مواءمة الوجه واضطرابات الفكين ، و حيث كان لنا هنالك إخوة في المملكة العربية السعوية يحملون همنا و يتألمون لألم هؤلاء الذين يعانون من هذه التشوهات ، و من أجل علاج هؤلاء فلقد سير مركز الملك سلمان للاعمال الانسانية و بمشاركة رابطة العالم الإسلامي ، و تحت قيادة أميز وأمهر جنود الجيش الابيض السعودي من كبار إختصاصي جراحة الفك و الأسنان قافلة طبية لعمل جملة من العمليات شديدة التعقيد و ذلك بالمجان ، و هذه الرسالة الخيرية حملوها في قالب يحمل أبسط صورة الخير من أجل إعادة الابتسامة إلي هؤلاء المرضى و ذويهم ، و قطعاً أن هذه الابتسامة ستزيح عن الكثيرين غمامة كالحة من الهم والتعب والكدر ، وستدخل الفرحة في قلوب جميع المرضى الذين يعانون من مثل هذه الأمراض .
أجزل الشكر و أخلصه و أجمله أتقدم به أصالة عن نفسي ونيابة عن الشعب السوداني إلي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز و ولي عهده الأمين و كما يطيب لي أن أخص بالشكر الشعب السعودي قاطبة ، و مركز الملك سلمان للخدمات الإنسانية و رابطة العالم الإسلامي و فريق العمل الطبي الذين تركوا ديارهم و أهلهم و اتوا إلينا وهم يحملون لنا كل الحب و الخير ليسعدوا بمجيئهم هذا أناس كثر يحملون المعاناة حيث كانت تخفيهم عنا حوائط مستشفى الأسنان التعليمي ليجروا به 100 عملية جراحية مجانية تتمثل في عمليات أورام الرأس و تقويم كسور الوجه و الفكين و الشفة الأرنبية ، و أخيراً خالص شكري لسفير الإنسانية سعادة على بن حسن جعفر و لسعادة محمد الغامدي المستشار الإعلامي و السياسي بسفارة خادم الحرمين الشريفين .