تمر الذكرى الثانية لفض اعتصام القيادة العامة، في ظل عدم إهتمام بالغ من قبل الحكومة الانتقالية ، المهمومة بقضايا خارجية اخرى هذا الأهمال إن كان بقصد او بدونه ، لن يغير من الحقائق شيء ، تلك الحقائق المتمثلة في عدة جوانب اولها ان الجناة لن يفروا من القصاص مهما بلغ بهم السعي والطواف ، وستضيق بهم الارض مارحبت ولن تغنيهم دروعهم وحصونهم من الله شيء ، ولو طال الأمد ، فالعدالة قادمة لامحال هذه حقيقة ، الثانية عدم اهتمام الحكومة بالحدث يجدد لها صبغة التهاون والتساهل والتقصير في كونها لم تستطع ان تأتي بقصاص الشهيد ، قصاصه يعني حقه الذي منحها الصفة وجعلها تتربع على عرش السلطة ، الشهيد الذي خرج للمطالبة بأبسط حقوقه وماكان يعلم ان روحه الغالية سيكون قصاصها يوما واحد من هذه الحقوق والمطالب ، وهو في طريقه الى الهدف ذاق الويل من أجل تحقيقه ورأى العذاب بانواعه والمطاردة ، الضرب والاهانة والحرق الى ان قدم روحه الغالية ثمناً لهذا التغيير ، الذي تتوسد نعمته الحكومة وهي لاتبالي ، بينما جفت ألسنة اسر الشهداء وهي تطالب بالعدالة وتتسول ذلك امام مكاتب الحكومة ، ( الحكومة التي لاتستحي ) .
وفي ليلة ٢٩ رمضان ليلة ( الغدر ) سجل التاريخ لأول مرة في صفحاته حكاية متناقضة ، غريبة الأطوار وهي ان تكون القيادة هي ارض الملجأ والأمان والخوف والفرار ، ارض الحماية والأعتداء ، ارض البسالة والجُبن ، أرض النصر والهزيمة ، يقبع فيها القائد المتهم ، والحاكم اللص ، والقاضي السارق ، طالب يد الثورة ومغتصبها ، شاريها وبائعها ، الحاكم بإسمها والمتهم بقتل ابطالها ، قيادة القوات المسلحة لحماية الشعب ، متهم البعض فيها بقتل الشعب في ذات الوقت ، بربكم كل هذا التضاد ونحن نحلم بحكم رشيد لهذه البلاد ؟ ونتعشم في ان نتنسم مع هؤلاء نسائم السلام والحرية والعدالة ؟؟
وبالرغم من كل هذ الوجع الحبيس في أغوار الدواخل كان إفطار القيادة امس توقيع بديع أربك حسابات الكثيرين ، الذين ظلوا دائما يتوهمون موت الثورة وسرقتها وقلت قبلاً ان الثورة لطالما انها في قلوب هؤلاء الشباب لن تموت ابدا ، دخلوا محيط القيادة كما دخولها اول مرة ، وقذفوا في قلوبهم الرعب ، ورفعوا صوتهم في وجه الخزي والعار والتخاذل ، وسخروا من الذين قبضوا الثمن وظنوا انهم باعوا الثورة ، الذين عرضوا شعارتها بثمن بخس في سوق الخيانة العظمى وتساقطوا ، فالعار لكل من باع اسمها وادرك مؤخراً انه ليس المالك لها ، فالثورة ملك ونبض حي سيظل في قلوب هؤلاء الشباب لن تسطيع يد غادرة او سارقه اوخائنة ان تنزعه منها ، الى أن ينزل الله عدالته من السماء لتخرج ذات المواكب تزغرد كنداكاتها من جديد بأسم النصر ، شباب الامس أكد تصميمه القاطع وتمسكه بتنفيذ العدالة بحق مرتكبي المجزرة ، رغبة يولدها الايمان الذي في قلوبهم ويؤججها التأخر والبطء في مسار العدالة بشكل عام ، ومايقابله غياب في الإرادة السياسية بشكل واضح علما بأن العدالة والمحاسبة كان يجب أن تكون أولوية للفترة الانتقالية، كل هذا شكل مساراً عريضاً للقلق لطالما إن ماحدث يرقى لتصنيفه واحدة من أبشع الجرائم ضد الإنسانية، والذي يجب ان تطول المحاسبة فيه كل القاديادات وليس فقط الذين نفذوا هذه الجريمة.
لذلك هي ذكرى وتذكير لمن ينسى ، ان جريمة فض الاعتصام ستظل فيها المطالبة مستمرة الى ان تتحق العدالة وان القصاص يطارد القتلة والمجرمين أينما حلوا ونزلوا ، والى ان تأتي العدالة ستلاحقهم لعنة دم الشهيد ، ومابين هذا وذاك سيقضي الله بلا شك امراً كان مفعولا .
طيف أخير :
الرحمة والمغفرة لشهداء ثورة ديسمبر واعتصام القيادة والقصاص من القتلة والنصر للوطن