في لقاء بُث أمس على عددٍ من القنوات العربية، فاجأني ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بما يملك من خطط طموحة وآفاق للمستقبل القريب والبعيد في إدارة بلاده، وكيف أن مشروع الرؤية ل2030 بدأ يحقق أهدافه ويجني ثماره قبل الموعد المحدد بنحو عشر سنوات، مؤكدًا على أن سقف الطموحات التي تم وضعها في 2015 للوصول اليها بنهاية المشروع في 2030 بدأ يرتفع بفعل سرعة إيقاع العمل وتحقيق الإنجازات في وقت قياسي.
اشار إبن سلمان في حديثه إلى نقطة أعتبرها مُلهمة لكل قائد ومسؤول، حيث ذكر أن أهم صفة يجب أن تتوفر في الوزراء والمسئولين بخلاف الكفاءة هي ” الشغف”، وزاد على ذلك بأن يتبنى المسؤول فكرة العمل والمشروع المعين بشكل شخصي، أي يتحدى نفسه لينجح في هذا العمل وينجز هذا الملف، وهذه الصفة تحديدًا أعتقد انها مهمة جدًا، ورغم ذلك تكاد تكون غائبة تمامًا في جُل حكومات العالم ” الثالث تحديدًا” و ” حكومات السودان على وجه التحديد”، هذه الصفة تأتي أهميتها في أن عناية المسؤول وإهتمامه بالعمل يكون مباشرًا وبضميرٍ صاحٍ، وأن إنجازه للعمل العام وخدمته للمواطن تصبح همًا خاصًا، مثلما يهتم أحدهم بأدق تفاصيل شركته التي يديرها ويحرص على تنميتها وزيادة دخلها وراحة موظفيها وتنمية مواردها، يهتم رب كل عمل بعمله وينجز فيه بشغف وحب.
رغم سعادتي بوجود قيادة رشيدة واعية في بلد هو قبلة المسلمين و وجهتهم الأولى، إلا أني أتحسر على حال بلاد أخرى تمتلك من الخيرات ما يفيض عن حاجتها ولا تملك عقلًا واحدًا راشدًا لإدارة تلك الموارد وإخراج أفضل ما فيها، واستثمار مقوماتها لصالح انسان السودان الذي ما فتىء يعاني الفشل وسوء الحال، إلى متى يتعارك الساسة على المناصب والكراسي والسلطة ويديرون ظهرهم للأوضاع التي تمضي نحو الهاوية وخيرات البلاد التي تُنهب والفساد الذي يستشري، أين العمل أين الخطط أين برامج النهضة والتطور وإستغلال الموارد في كل المجالات أين الحادبين على مصلحة السودان أبناءه الخُلَّص البررة أعجزت حواء السودان عن إنجاب ” مهاتير محمد” أو ” آبي أحمد” أو ” إبن سلمان” ليضع السودان نصب عينه ويعمل لأجل أرضه وإنسانه فهؤلاء وغيرهم ممن نهضوا ببلدانهم لم يفعلوا شيئًا خارقًا ولكنهم إجتهدوا وعملوا بتخطيط وأهداف طموحة وحددوا وجهتهم بدقة، و وصلوا اليها في نهاية المطاف و وصلت بلدانهم بسلام إلى مصاف الدول المتقدمة.
فالسودان لولا سوء الطالع لا يجب أن يكون استثناءًا من تلك الدول التي عَبَرت وانتصرت حقيقةً وليس شعارات زائفة، فهذا البلد وفقًا للأمم المتحدة وبحسب مايملك من مقومات فهو مؤهل لإطعام مليار شخص سنويًا، واليوم وبعد نحو 70 عامًا من الإستقلال تجد أكثر من نصف السودانيين تحت خط الفقر، وبه 50 مليون فدان صالحة للزراعة، ومع ذلك تستورد الحكومة 50% من احتياجاتها من القمح، والسودانيون يقفون بالساعات الطويلة على الصفوف للحصول على رغيف خبز يسد جوعهم، وثلث مساحة بلدهم عبارة عن أراضٍ صالحة للزراعة، وقد صنفت منظمة ” غولدمان ساكس” الأمريكية السودان في المركز الأول ضمن قائمة الدول التي تمتلك أراضي زراعية غير مُستغلة، ولو استثمر السودان تلك المساحات الصالحة للزراعة لأصبح أقوى إقتصاد زراعي في العالم، السؤال الذي يطرح نفسه ما الذي يمنع؟ متى سيفتح الله على هذا البلد بإدارة تعمل لصالح نهضته ولمصلحة مواطنه البائس الفقير.
هذا البلد ” المنكوب” تجري على أراضيه أكثر من عشرة أنهار ولا يزال يعاني شعبه في 2021م من قطوعات المياه والكهرباء، وغيره لا يجدون الماء لتوليد الكهرباء ويستخدموا مولدات الطاقة والوقود كبديل للتوليد المائي، ولم يحدث أن إنقطع التيار كهربائي لساعة واحدة ناهيك عن عشر ساعات أو يزيد.