-1-
ما يقلق في اتّفاق المبادئ المُوقّع بين البرهان والحلو، تصديرهُ انطباعاً مُثيراً لفتنٍ كقطع الليل.
وهو أنّ السيد عبد العزيز الحلو، استطاع فرض خيار فصل الدين عن الدولة بقُوة السلاح، وعبر التّهديد بالانفصال!!
هذا الانطباع القابل للتّرويج والتّهييج، سيدفع بآخرين على المديين القريب والمتوسط، لاتّجاه فرض خياراتهم بذات الطرق غير الديمقراطية!!
-2-
السيد عبد العزيز الحلو تلميذٌ نجيبٌ للراحل دكتور جون قرنق، فهو يستخدم ذات أدواته في تحقيق المكاسب، عبر طلعات المُناورة السياسية.
الحلو بمهارة بارعة، يستغل مساحات التنافُس الخَفِي بين مُكوِّنات السُّلطة الانتقالية الحاكمة، لتعزيز مكاسبه وتدعيم موقفه السياسي.
فهو يلتقي بحمدوك في إثيوبيا ويُوقِّع معه اتفاقاً، ثم يُقابل “حميدتي” في جوبا ويتبادل معه التحايا والابتسامات، ويصل مع البرهان على تفاهُمات باطنة وظاهرة!!
ويختار الحزب الشيوعي من بين قُوى الحرية والتغيير ليُوقِّع معه اتّفاقاً، ويمضي تجاه الحزب الاتحادي الأصل، لنيل البركة الميرغنية!!
بذلك يستطيع الحلو أن يصبح مركز القوة السِّياسي، الذي يتسابق الآخرون لكسب وده بتقديم القرابين.
-3-
لن تترسّخ قيم السلام وتصبح الديمقراطية نظام حكم وثقافة مُجتمع طالما ظلّ السلاح تحت طاولات التفاوض.
قلناها أكثر من مرة:
السلام يعني حصولهم على المقاعد، والحرب تعني فُقدانهم لها!!
الحلو يتقدّم وعبد الواحد يتمنّع.. وغداً تخرج حركات بأسماء جديدة لترث البندقية القديمة!!
المواطن المسكين في الحالتين:
هو البضاعة.. والتفاوض سوق كبير، لا تغلق أبوابه الا لتفتح من جديد!!
-4-
ميْلُ كُلِّ الحكومات المُتعاقبة لترضية النُّخب على حساب رضاء المُواطنين، تسبَّبَ في تكريس الفشل واستدامة العجز والعُنف.
في عهد الإنقاذ، اتَّسعت مساحة الترضيات، فأصبح الكثيرون يتوسَّلون للحكم والاستوزار عبر التمرُّد المُسلَّح أو الابتزاز القبلي.
-5-
رغم سُقوط النظام السابق، وانتفاء أسباب حمل السِّلاح بعد انتصار الوسائل السلمية، مع ذلك ظلّت أوضاع الحرب والسَّلام في ذات المُربّع القديم؟!!
في المُربّع القديم: يتمُّ تحقيق المكاسب السِّياسيَّة والوظيفية، عبر رفع السِّلاح ولُغة المُحاصصة.
للأسف، لا يزال الوضعُ على ما هو عليه والحالُ هو ذاتُ الحال مع اختلاف العناوين.
لن تُلقي الحركات السِّلاح، ما لم تُحقِّق مكاسب كبيرة لشخوص قياداتها.
كان الوضعُ الطبيعي مع سقوط النظام الذي في مُواجهته رفعت الحركات السِّلاح، أن تُسرع لإنهاء طبيعتها العسكرية، والانخراط في العمل السياسي السلمي.
-6-
الحركات المُسلَّحة، وهي في كامل طبيعتها العسكرية تفاوض، وهي تضع سلاحها تحت إبطها!!
ماذا يعني ذلك؟!!
ذلك يعني استدامة ثقافة العمل المُسلَّح في السياسة السودانية.
مما يجعل الانتقال لحكم مدني كامل الأركان، حلماً غير قابل للتحقُّق!!
قالها المهاتما غاندي:
(الغاية هي الشجرة، والوسيلة هي البذرة.. إنّ الغاية موجودةٌ في الوسيلة كما أنّ الشجرة موجودةٌ في البذرة).