تعددت أساليب وطرق الفساد في عهد النظام المخلوع وبرعت بعض الشخصيات باستخدام خاصية الذكاء عندها لتنفيذ أخطر المخططات للاستيلاء على المال العام، ذلك العهد الذي كانت فيه التربة خصبة لنمو هذه العمليات، حيث ان الفكرة اللعينة إن خطرت ببال أحدهم، ربما تجد من يرعاها ويشرف عليها من النافذين حتى تبلغ مرحلة الازدهار لطالما أن جني الثمار يكون مناصفة بين الاثنين (مواطن بسيط وشخصية نافذة)، الأول يريد أن يصبح من أهل المال والجاه والثروة لذلك تقوده أحلامه وأطماعه والآخر يريد ان يختبئ وراء اسم غير معروف ليمارس فساده دون رقيب أو حسيب ، لذلك تجد أن ظاهرة الفساد الثنائي هذه تكررت في كثير من البلاغات او حتى الآن تحتفظ بها أدراج المؤسسات وأصحابها مازالوا يمارسون اللعبة، او ربما تجد ان البعض منها في طريقه للكشف والمحاسبة تعثر بحجر على الطريق فبدلاً من يلقي به أرضا، يقف ليشكل له (الحماية) عندها تتجدد الرغبة عنده مرة ثانية ليواصل مشواره ولكن هذه المرة بشهية أكبر، والحماية في عهد الثورة قد تكون مربحة للغاية فهي لا تحول بينك وبين المحاسبة فقط لكنها تمنحك فوق الفضل فضلاً عندما تعطيك ضوءً أخضر للانطلاق من جديد فتكون انت لص النظام البائد ومعلم في صفوف اللصوص مابعد الثورة.
وحكاية الفساد هذه أبطالها من الذين تخصصوا في تهريب النقد الأجنبي عبر مرابحات صورية مزورة من شركة تاركو للحلول المتكاملة في العام ٢٠١٤ حيث بلغ المبلغ المحول خارج السودان ( 30.828.000)، درهم اماراتي أي مايعادل (8.351.557) دولار أمريكي سلعة المرابحة طائرة Boeing 737-4Q8 برقم المصنع 4,000 و التسجيل.C5-MAA
قام ملاك بالشركة بالاحتيال على بنك الخرطوم باستخدام شركة (GSH Trade FZC ) وشركتهما في السودان (تاركو للحلول المتكاملة)، حيث تقدمت الشركة، اسم العمل ( تاركو أير)، بطلب لبنك الخرطوم بتاريخ 15 ابريل 2014 لمنحها مرابحة لشراء طائرة 400-737 Boeing ألحقته بطلب آخر لتحويل المرابحة وبتاريخ 5 مايو من ذات السنة وافق بنك الخرطوم على منح الشركة المرابحة وقام بتحويل الدفعة الاولى من المبلغ وفقاً لطلب الشركة وقدره(346 4.063)دولار أمريكي أي نصف المبلغ وبعد أسبوع فقط تم تحويل مبلغ (4.288.193) دولار أمريكي لتكتمل قيمة المرابحة التي تتجاوز ٨مليون دولار أمريكي.
وبتاريخ ٢٤مايو حررت شركة GSH Trade FZC فاتورة بيع الطائرة موضوع المرابحة لبنك الخرطوم وفي ديسمبر تقدمت شركة تاركو للحلول المتكاملة اسم العمل (الدندر للطيران) بطلب الى بنك الخرطوم لشراء الطائرة موضوع المرابحة بصيغة البيع الآجل في ذات الشهر تم توقيع عقد بيع آجل بين بنك الخرطوم و شركة تاركو للحلول المتكاملة.
والقاري يطرح سؤالاً في نفسه أين يكمن هذا الفساد في هذه المرابحة..؟ ولكنه قد لايتوقع أبدا حجمه وشكله في هذه المرابحة التي تكشف ذكاء اللصوص الذين قاموا بتحويل اكثر من 8 مليون دولار الى الخارج.
والخطير في القضية ان فاتورة البيع التي قدمتها شركة ( GSH Trade FZC ) لبنك الخرطوم فاتورة مزورة والطائرة موضوع المرابحة والمذكورة في فاتورة البيع ليست مملوكة لشركة ( GSH Trade FZC) وانما مملوكة لشركة (COR 065).
. وبهذا تبقى جميع ضمانات المرابحة غير صحيحة بما فيها الضمان بالطائرة موضوع المرابحة.
نعم هذا خطير، لكن الأخطر في القضية ان المالكين لشركة تاركو للحلول المتكاملة في الخرطوم (طالبة مرابحة الطائرة من بنك الخرطوم) ، هما المالكان لشركة GSH Trade FZC في دولة الامارات و هي الشركة التي حول لها بنك الخرطوم مبلغ المرابحة بناء على فاتورة البيع المزورة، الأمر الذي يعني إن مشتري الطائرة هو نفسه البائع بفاتورة بيع مزورة وان المالكين لشركة تاركو تقدما للمرابحة فقط بغرض تهريب الدولار خارج السودان ولا توجد عملية بيع أو شراء حقيقية وان فاتورة البيع مزورة و البائع لا يمتلك الطائرة لأن البائع هو المشتري نفسه!!
طيف أخير:
غداً نواصل قضية الفساد الطائر